الصراع بين التحذيرات الأمريكية والردود العراقية.. هل عودة «داعش» حقيقة أم وهم؟
في سياق سياسي وأمني يشوبه الضبابية، يتجلى وجود تباين واضح بين وجهات نظر الولايات المتحدة والعراق إزاء تهديد تنظيم «داعش»، مما يثير تساؤلات حول حقيقة هذا الخطر وما إذا كان وشيكًا أم أنه مجرد استخدام سياسي لهذا التهديد. فقد أعربت السفارة الأمريكية في بغداد عن «قلقها العميق» بشأن ما وصفته بالعمليات المستمرة والتوسع الإقليمي لتنظيمي «داعش» و«القاعدة» في العراق وسورية. ولم يتأخر الرد العراقي، حيث قلل المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية من أهمية هذا التهديد، مؤكدًا أن «عصابات داعش لا تشكل خطراً على البلاد»، في محاولة لطمأنة الشعب وإظهار قدرة الدولة على السيطرة على الوضع الأمني.
تتضارب المعلومات حول التحركات العسكرية الأمريكية التي تشير إلى إعادة تموضع القوات الأمريكية، حيث أفادت مصادر أن القوات بدأت بالفعل عملية نقل للعناصر من قواعد حيوية في الأنبار والقرب من بغداد إلى قواعد جديدة في إقليم كردستان ودولة مجاورة، مما يعكس وجود تحولات في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية. وقد أشارت مصادر سياسية إلى إبلاغ واشنطن للجانب العراقي برغبتها في تسريع وتيرة الانسحاب، متجاوزة الجدول الزمني المُحدد ضمن الاتفاقيات السابقة.
عودة التوتر مع تنظيم داعش
يترافق هذا السياق مع أحداث متصاعدة في الساحة السورية، حيث لوحظ استخدام تنظيم داعش لتكتيك «الانتحاريين» لأول مرة منذ سقوط نظام الأسد، وارتفع مستوى الاشتباكات على الحدود العراقية السورية. وتأخذ هذه التطورات طابعًا بالغ الخطورة، حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على سجون تحوي الآلاف من مقاتلي داعش، مما يشكل تهديدًا محتملاً لعودة التنظيم عبر اقتحام تلك السجون.
على الصعيد الداخلي، يعاني العراق من عدم استقرار سياسي واضح بسبب الانقسامات العميقة بين القوى السياسية، خصوصًا مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية. حيث أثرت حرب الفضائح على استبعاد العديد من المرشحين، مما أدخل البلاد في أجواء متوترة ومعقدة. ويزيد الصراع بين الولايات المتحدة وإيران تعقيد المشهد، حيث تحول الجدل حول «قانون الحشد الشعبي» إلى أزمة، وسط تهديدات أمريكية بعقوبات إذا تم تمرير القانون، بينما تؤكد إيران على ضرورة الحفاظ على الحشد.
تتزايد المخاوف من اندلاع مظاهرات خارجية لدعم التغييرات السياسية، مما يفتح المجال أمام تطورات قد تؤثر على الاستقرار في العراق. في ظل التوتر الإقليمي المتزايد، يبقى العراق مرشحًا ليكون ساحة تصفية حسابات، مما يرفع من احتمالية تفجر الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد.
تعليقات