“السعودية تدفع نحو الدولة الفلسطينية: هل تلتقط القيادة الإشارة في لحظة حاسمة؟” بقلم: المهندس غسان جابر – شبكة فلسطين للأنباء

اللحظة الحاسمة لفلسطين: السعودية تسعى نحو الدولة

في وقت تتلاحق فيه الأحداث وتتصاعد الأزمات، يبرز سؤال جوهري حول إمكانية تحول فلسطين من حالة السلطة المحدودة إلى دولة ذات سيادة. إن الصراع المستمر في قطاع غزة لم يعد مجرد قضية إنسانية بل أصبح محورا رئيسيا يحتاج إلى معالجة سياسية جادة. لقد حان الوقت لتسليط الضوء على قدرة فلسطين على تجاوز الأزمات وتحقيق تقدم ملموس نحو الدولة.

التحول التاريخي نحو الدولة

في هذا السياق، جاء المرسوم الرئاسي الأخير الذي يتضمن تشكيل لجنة لصياغة دستور مؤقت، كخطوة مبدئية نحو انتقال سياسي محتمل بعد تحقيق التهدئة وانسحاب الاحتلال. إن توقيت هذا القرار له دلالات عميقة تفوق مجرد كونه إجراء شكلي. لقد تغيرت الحقائق في الساحة الفلسطينية، حيث لم تعد غزة مجرد ملف إنساني بل أصبحت مركز الفعل السياسي، مما يعكس أهمية صمودها كجزء من الرؤية الوطنية الشاملة.

كما أن السلطة الفلسطينية تدرك أنها تحتاج إلى تجديد شرعيتها الشعبية من خلال مشروع وطني حقيقي، وليس مجرد إدارات بيروقراطية. الآن، أخذت السعودية دوراً متميزاً كوسيلة للتأثير، حيث لم تعد مجرد مراقب أو ممول بل أصبحت مستعدة لقيادة فرصة سياسية جديدة تهدف إلى تحويل فلسطين من “سلطة مؤقتة” إلى “دولة”.

إن الدعم السعودي يأتي مع شرطان رئيسيان: الأول هو استعداد القيادة الفلسطينية للانتقال نحو دولة ولادة مؤسسات سياسية حقيقية. الثاني هو ضرورة بدء حوار جاد مع جميع القوى السياسية بما في ذلك حركات المقاومة، لتكون جزءًا من الخطط المستقبلية.

من جهة أخرى، تعمل فرنسا على تعزيز إطار قانوني يوفر ضمانات لاستقرار فلسطين في مرحلة ما بعد الحرب. ومع ذلك، فإن القيود على الإجراءات السياسية لا تزال تعتمد على قرار الرياض كأول نقطة انطلاق. جاء المرسوم الرئاسي ليعكس اعترافًا بأن فلسطين مستعدة للعب دور أكثر استقلالية على الساحة الدولية.

تمثل الدستور المقترح فرصة تاريخية لإعادة صياغة المشروع الوطني بحسب رؤية فلسطينية خالصة، وليس وفق توجيهات خارجية. لكن هذه الفرصة لن تثمر إلا إذا قوبلت بمجموعة من الشروط تشمل مشاركة كافة الفصائل السياسية، وتحويل الدستور إلى أداة شاملة تجمع بين الشواغل والمصالح الوطنية، ومن ثم التوجه نحو الدولة على أساس من المشاركة وعدم الإقصاء.

ختامًا، تعكس اللحظة الحالية تحديًا تاريخيًا لن يتكرر بسهولة في منطقة الشرق الأوسط. تتجه الأنظار إلى القيادة الفلسطينية، لتقرر ما إذا كانت ستستثمر في هذه الفرصة لبناء مستقبل أفضل، أم ستخفق من جديد كما في السابق. الدم المسكوب في غزة أتاح نافذة نادرة للتغيير، تاركًا السؤال أمام القيادة: هل ستمضي نحو تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في بناء دولته المنشودة؟