السعودية تعلن عن استراتيجية متكاملة لترميم وتعزيز المواقع التاريخية والتراثية في قلب الصحراء
السعودية تعلن عن استراتيجية إنعاش المواقع التاريخية في عمق الصحراء
كشفت هيئة تطوير المنطقة الشرقية في السعودية عن خطة شاملة تهدف إلى إحياء أربعة مواقع تاريخية عميقة في الصحراء، وذلك في إطار مشروع “تجمع حياة الصحراء”. تسعى هذه المبادرة إلى استعادة كنوز تراثية كانت مغفلة وتحويلها إلى وجهات سياحية وثقافية تعكس جوهر الحياة الصحراوية، مما يسهم في تحقيق تنمية مستدامة للمجتمعات المحلية. تشمل المواقع المستهدفة نِطاع، وثاج، وقرية العُليا، وقرية الجنوبية، حيث يتركز العمل على دمج الترميم المعماري مع المحافظة على الموروث الثقافي غير المادي، بالإضافة إلى ابتكار تجارب تُظهر أصالة المكان وتربطه بتاريخ المنطقة.
خطة شاملة لإعادة تأهيل التراث الثقافي
تم إعداد هذه الخطة كجزء من دليل “إعادة تأهيل الأحياء التاريخية والمواقع التراثية” الذي أُصدر عن الهيئة، لتتضمن معالجة التضرر الكبير الذي أصاب بعض المباني. يُتوقع أن تشمل التدخلات الترميمية المتخصصة التي تحافظ على الخصائص المعمارية النجديّة، بما في ذلك الفناءات المفتوحة والأقواس الطينية والممرات الهوائية الصغيرة. من بين المعالم البارزة التي ستخضع للترميم، يظهر قصر الملك عبدالعزيز في نِطاع الذي يعود تأريخه إلى عام 1349 هـ، وقصر “عالي” في قرية العُليا الذي شُيد في عام 1355 هـ. ستبدأ الأعمال بتثبيت العناصر الإنشائية المتضررة، تليها تحسينات وظيفية لتهيئة المواقع لاستقبال الزوار حسب المعايير الأمنية.
ستتجاوز المبادرة مجرّد الترميم إلى مسار تنموي شامل يعيد الحياة للقرى والمجتمعات المحيطة. تشمل الخطط المقترحة إنشاء مركز أبحاث في نِطاع، يركز على دراسة وتوثيق الممارسات الزراعية التقليدية في الواحات، وتطوير تطبيقات تتماشى مع أهداف الاستدامة. كما تعتزم الهيئة تفعيل الاقتصاد الثقافي عبر ربط المواقع بالأسواق المحلية، مثل سوق النعيرية، لتوفير قنوات تسويق مباشرة للمنتجات والحرف اليدوية، مما يدعم الحرفيين ويعزز عائدات الأسر المنتجة.
من الناحية السياحية، ترتكز الخطة على تنشيط السياحة المجتمعية من خلال إشراك السكان في تقديم تجارب أصيلة، تتضمن تنظيم رحلات تخييم في الصحراء، وورش عمل لتعليم الطهي التقليدي، وزيارات لمربي الصقور والإبل. يهدف المشروع إلى توفير مصادر دخل مستدامة، وضمان بقاء التراث الثقافي متداولاً بين الأجيال. كما تسعى البرامج المقترحة إلى تعزيز قدرات مقدمي الخدمات المحليين، وتحسين تجربة الزوار باستخدام مسارات تفسيرية ولوحات تعريفية ومراكز استقبالية تسلط الضوء على قصص المكان وتراثه.
أكدت الهيئة أن المشروع سيتم تنفيذه على مراحل لضمان استعداد المواقع تدريجياً وتكامل الخدمات الداعمة، مع احتفاظها بمعايير الحفظ وإدارة الزوار وتأثيرات البيئة. يسعى المشروع أيضاً إلى تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030 من خلال تعزيز الهوية الوطنية وتنويع الاقتصاد السياحي، حيث سيتم الإعلان عن تفاصيل الجدول الزمني والميزانية بعد الانتهاء من مراحل التصميم المبكرة. توقعت الهيئة أن يسهم المشروع في زيادة جاذبية المنطقة الشرقية وجعلها وجهة مفضلة للزوار، مع تعزيز المنافع المباشرة للمجتمعات المحلية من خلال فرص العمل والدخل، وتحسين البيئة العمرانية مع الحفاظ على روح المكان وخصوصيته.
تعليقات