الليثيوم: مفتاح كشف أسرار معركة مواجهة مرض ألزهايمر

حين يتردد اسم «ليثيوم»، تتحدث العقول فوراً عن بطاريات الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية، وعما يرتبط بها من تقدم تكنولوجي يسعى لتوفير طاقة تدوم طويلاً. لقد ارتبط هذا المعدن ارتباطاً عميقاً بأجهزتنا، حيث حظي بلقب رفيق وفيّ يحفظ الطاقة داخل أجهزتنا وينبض بالحياة.

ليثيوم في قلب الدماغ

اليوم، نواجه حقيقة جديدة تماماً، حيث يخرج الليثيوم من عالم البطاريات الباردة إلى أعماق الدماغ، حيث تُخاض المعارك لطرد أخطر الأعداء: مرض ألزهايمر. يبدو أن هذا المعدن القيم كان ين waiting لتظهر قوته الجديدة، ويحوّل نفسه من «حارس للطاقة» إلى «حارس للذاكرة». هذا الاكتشاف يطرح تساؤلاً مهماً: كم من مادة أو دواء يحيط بنا، نرى فيه فقط جانباً واحداً من إمكانياته، حتى يُظهر العلم سرًا يمكن أن ينقذ ذاكرتنا؟

دراسة في هارفارد

في صباح السادس من أغسطس 2025، كانت جامعة هارفارد تتهيأ للإعلان عن دراسة علمية مهمة أثارت فضول العالم. قاد هذه الدراسة الدكتور ليفيو أرون، وتمحورت حول سؤال يبدو بسيطاً لكنه يمس جوهر أحد أعقد ألغاز الدماغ: هل يمكن أن يبدأ مرض ألزهايمر من نقص معدن واحد فقط؟

داخل المختبر، كانت الأنابيب الزجاجية الشفافة تحمل محاليل مختلفة بجانب شرائح دماغية لأشخاص كانوا ذات يوم يضحكون، ويتذكرون التفاصيل الدقيقة، قبل أن تنكسر ذاكرتهم.

نقص الليثيوم وتأثيراته

فحص فريق البحث بدقة 27 عنصراً معدنياً في أدمغة أناس أصحاء وغيرهم في مراحل مختلفة من ألزهايمر، ليظهر أن الليثيوم هو المعدن الوحيد الذي ينخفض مبكراً قبل ظهور أي أعراض سريرية. كان الأمر وكأن الدماغ يصدر نداءً خافتا، رسالة كيميائية تدعو لإنقاذه قبل فوات الأوان.

اتجه الفريق إلى إجراء تجارب حية على الفئران، وفتحوا المجال لاكتشاف نتائج مثيرة. فقد أظهر الحرمان التدريجي من الليثيوم آثاراً كارثية، حيث تشكلت لويحات «بيتا-أميليويد» و”تشابكات تاو” داخل الخلايا العصبية مما حال دون التواصل الحيوي وأدى إلى تآكل الأغماد المحيطة بها.

علاج محتمل

في خطوة جريئة، انتقل الباحثون من مرحلة الملاحظة إلى محاولة إنقاذ الوضع. فعند استخدام مركب ليثيوم أوروتات، لم تتأخر النتائج في الظهور. فقد توقفت مؤشرات التدهور وعادت الفئران لاجتياز اختبارات التعلم بثقة، مثلما كانت من قبل.

هذا الاكتشاف يمثل بصيص أمل، حيث يوحي بأن دعم الدماغ بمستويات طبيعية من الليثيوم قد يكون حول وقف زحف ألزهايمر.

أهمية للعالم العربي

ألزهايمر لا يعرف حدودًا. تشير التوقعات إلى أن أعداد المصابين قد تتضاعف في العالم العربي خلال العقدين القادمين. تخيل أن يصبح فحص مستوى الليثيوم جزءًا روتينياً في المراكز الصحية. إن دمج الفحوص الوقائية في الأنظمة الصحية يمكن أن يدفع لتقديم الأمل في مواجهة هذا المرض.

السعودية والابتكار الطبي

في إطار «رؤية السعودية 2030»، تُعتبر الابتكارات الطبية جزءًا جوهريًا لرفع مستوى الصحة. تخيل أن يتم إدخال فحص مستوى الليثيوم في برامج الفحص المبكر، مما قد يجعل المملكة مركزاً للبحوث المتعلقة بالشيخوخة.

بهذا، يظل الليثيوم ليس مجرد معدن، بل حامياً محتملاً للذاكرة في عالم يقترب فيه التقدم الطبي من نتائج ملموسة على الأرض. حيث يُواجه ألزهايمر ليس فقط بالعلاج بل بالوقاية.