صعود السعودية: فرصة لأوروبا وتحليل لدور الهند في مواجهة تعريفة الولايات المتحدة

علاقات الهند التجارية مع الولايات المتحدة: تحديات جديدة

دخلت العلاقات التجارية بين الهند والولايات المتحدة في مرحلة حرجة، حيث انتقلت إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى فرض تعريفة بنسبة 50% على البضائع الهندية، وذلك بسبب استمرار نيودلهي في شراء النفط الروسي بأسعار منخفضة. يمثل هذا القرار تصعيداً في علاقة شهدت بالفعل توترات. ولا تقتصر هذه التوترات على الجانب التجاري فحسب، بل تتجاوزها إلى الدبلوماسية أيضاً. حيث استضافت الولايات المتحدة قائد الجيش الباكستاني، المارشال آسيم مونير، للمرة الثانية خلال شهرين. ومن الأراضي الأمريكية، أطلق تهديداً نووياً ضد الهند، مما أثار تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة والهند.

يعتقد الخبراء الاستراتيجيون أنه يتوجب على نيودلهي توسيع خياراتها في الوقت الراهن. ويشير المحلل في السياسة الخارجية، الدكتور نيشيكانت أوجها، إلى أن الهند تقف على مفترق طرق جيوسياسي، حيث لم تعد الثقة في الكتلة الغربية تعكس اليقين المطلوب. بينما تبرز فرص استراتيجية جديدة في منطقة غرب آسيا من خلال التعاون العملي والفوائد المتبادلة.

عمق العلاقات الاقتصادية مع الخليج

تُعتبر منطقة الخليج شريكاً تقليدياً ومهماً للهند، حيث بلغت التجارة السنوية بين الجانبين 161 مليار دولار. ويمثل الخليج 60% من احتياجات الهند من النفط و70% من احتياجاتها من الغاز. يعيش حوالي تسعة ملايين هندي في دول الخليج، حيث تساهم التحويلات المالية بمبلغ 50 مليار دولار سنوياً في استقرار الاقتصاد الهندي.

يوفر الخليج للهند إطار عمل يعتمد على أمن الطاقة والأثر الإيجابي للشتات الهندي. ومن المشاريع المهمة المرتبطة بهذا التعاون هو “الممر الاقتصادي للشرق والبحر الأبيض المتوسط” (IMEEC)، الذي يسعى إلى ربط الهند مع ميناء حيفا الإسرائيلي عبر الإمارات العربية المتحدة والسعودية، ومن ثم إلى جنوب أوروبا.

تظهر إيطاليا كشريك استراتيجي في هذا المشروع، حيث تسعى أوروبا، التي تعتمد بشكل متزايد على إمدادات الطاقة من الخليج، للاستفادة من هذه الفرصة لتعزيز الروابط الاقتصادية والسياسية مع الهند.

تعمل نيودلهي على تعميق ارتباطها بغرب آسيا من خلال استراتيجيتها المعروفة بـ “Look West”. حيث كانت الدفاع والتجارة ورعاية شؤون الشتات من أبرز أولويات الهند. تقوم البحرية الهندية بتوسيع وجودها في الخليج من خلال التدريبات المشتركة مع الإمارات وسلطنة عمان.

رغم التحديات، مثل الهجمات الحوثية والتوترات بين إسرائيل وإيران، تظل الهند ملتزمة بالحفاظ على علاقاتها مع الدول الأوروبية. ويعتبر الدكتور أوجا أن على الهند اتباع نهج متوازن، من خلال تصدير التكنولوجيا الدفاعية وتعزيز علاقاتها الاستراتيجية مع إسرائيل، بالإضافة إلى المضي قدماً في تطوير ميناء تشابهار الإيراني.

تعزيز العلاقات مع أوروبا وفي الوقت نفسه العمل على بناء جسر بين الخليج وآسيا سيعزز مكانة الهند في النظام العالمي المتغير.