تحديات التعليم الجامعي في الجامعات الناشئة بالمملكة العربية السعودية
تواجه الجامعات الناشئة في المملكة العربية السعودية مرحلة حرجة تستوجب إجراء إعادة تقييم للخطط الأكاديمية بما يتماشى مع تطلعات الدولة ورؤية المملكة 2030. على الرغم من زيادة عدد الجامعات بشكل ملحوظ، فإن أحد التحديات الكبرى التي تواجها هو ضعف قدرات التعليم الأكاديمي وغياب برامج فعلية لتطوير أعضاء هيئة التدريس، مما يؤثر سلباً على جودة التعليم والبحث العلمي.
الواقع الأكاديمي في المؤسسات التعليمية الجديدة
للأسف، فإن العديد من الجامعات الناشئة تشابه في بيئتها الأكاديمية المدارس التقليدية، حيث تقتصر مهام عضو هيئة التدريس على إلقاء المحاضرات فقط دون وجود برامج تدريبية متقدمة أو مختبرات أكاديمية تسهم في تنمية مهاراتهم وتحسين مستوى أدائهم الأكاديمي. وفي الوقت الذي توفر فيه الجامعات العالمية المعروفة ما لا يقل عن 500 ساعة من التدريب المتقدم، يجري هذا الأمر بشكل محدود للغاية في الجامعات السعودية الناشئة، خصوصاً في التخصصات الاستراتيجية مثل المالية والمحاسبة والاقتصاد.
نجد أن الكثير من أعضاء هيئة التدريس يدخلون إلى المجال الأكاديمي دون الخضوع لتأهيل منهجي يضمن اكتسابهم لمهارات التدريس الحديثة أو المهارات البحثية المتطورة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الفشل في تنظيم المؤتمرات أو المنتديات العلمية المتخصصة يساهم في خلق بيئة أكاديمية خاملة، حيث تقل الفرص لتبادل الأفكار والخبرات بين الأكاديميين المحليين والدوليين.
إن العديد من الجامعات الناشئة تفتقر إلى توفير قنوات حقيقية لتبادل الخبرات مع الجامعات الأخرى، مما يؤدي إلى حالة من الانغلاق الأكاديمي التي تحدّ من تطوّر الكادر التدريسي وتؤثر على جودة التعليم. يؤدي ذلك إلى عزوف الكفاءات السعودية الشابة عن الالتحاق بهذه المؤسسات، ويقيد كذلك فرص جذب الأكاديميين الدوليين الذين قد يسهمون في ارتقاء المستوى الأكاديمي لهذه الجامعات.
في ظل التحولات الاقتصادية الجارية، فإن المملكة بحاجة ماسة إلى جامعات مؤهلة تنتج كوادر أكاديمية قادرة على دعم الاقتصاد الوطني ومواكبة تطلعات الدولة. ومع استمرار ضعف بيئة تأهيل أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الناشئة، يتعذر تحقيق هذا الهدف، مما يخلق فجوة كبيرة بين احتياجات السوق السعودي من الكفاءات والمخرجات الأكاديمية المحدودة.
للتغلب على هذه التحديات، يجب تبني سياسات واضحة تهدف إلى تحسين ممارسات تأهيل الكادر الأكاديمي، بدءًا من توفير برامج تدريبية متطورة تصل إلى 500 ساعة، كما هو متبع في القطاعات الطبية العالمية، وصولاً إلى تنظيم مؤتمرات وورش عمل متخصصة، وتفعيل برامج تبادل الخبرات مع الجامعات الرائدة محليًا ودوليًا. من خلال هذه الجهود، يمكن تحويل الجامعات الناشئة إلى بيئات أكاديمية جاذبة، قادرة على تخريج كوادر وطنية تدعم تنافسية الاقتصاد السعودي وتمهد الطريق نحو بناء اقتصاد معرفي متقدم.
تعليقات