غياب الكفاءات يعيد البلديات إلى الخلف: تكنوقراط بالأسماء وإخفاقات بالواقع!

خاص – تزداد التحديات الخدمية والتنموية التي تواجه البلديات، مما يثير تساؤلات حول فائدة تعيين رؤساء وأعضاء مجالس محلية يفتقرون إلى الخبرة اللازمة في مجالات العمل البلدي. يبقى التساؤل عالقًا حول ما إذا كانت هذه التعيينات تتأسس على معايير الكفاءة أم هي نتاج للمحاصصة والولاءات. في حين يرى الكثيرون أن المناصب الوزارية هي مناصب سياسية، إلا أن الواقع يفرض في الوزارات الخدمية مثل الأشغال العامة والإدارة المحلية والاتصالات ضرورة وجود قيادات متخصصة تتسم بحد أدنى من الدراية الفنيّة. هذا الأمر يطرح تساؤلاً مهمًا: إذا كان الوزير منصبًا سياسيًا، فكيف يمكن أن يكون رئيس المجلس البلدي أيضاً في ذات الصفة؟

غياب التخصص يُربك العمل البلدي ويشير عدد من المواطنين والموظفين في البلديات إلى أن بعض التعيينات الأخيرة لرؤساء المجالس البلدية شملت أشخاصًا بلا خلفية فنية أو خبرة إدارية. أحد الموظفين الفنيين أكد أن “بعض الرؤساء الجدد لا يدرون الفرق بين المخطط التنظيمي ومخطط الأراضي، ولا يعرفون فارق سكن أ وسكن ب”، مشددًا على أن كافة المعاملات تحتاج إلى توضيح من الكوادر الفنية قبل اتخاذ أي قرار.

غياب الكفاءات يعيق العمل البلدي

يؤكد المختصون والأكاديميون أن إدارات مثل البلديات تتطلب قيادة من تكنوقراط حقيقيين، وليست فقط أسماء لعناوين سياسية. وفقًا لأستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي، يجب أن تسند المناصب المتعلقة بخدمة المواطنين لأشخاص متخصصين وقادرين على إدارة شؤون العمل البلدي بكفاءة، من خلال فهم عميق لقضايا المواطنين ومفاهيم التخطيط والتنظيم.

نتائج ذلك تظهر على أرض الواقع عبر تراجع الأداء واستنزاف الطاقات البشرية. فغياب الخبرة لدى بعض القيادات البلدية يتسبب في بطء إنجاز المعاملات، وإفراط الاعتماد على الكوادر الفنية، وكذلك تردد في اتخاذ القرارات. كما يشير موظف أن “بعضهم يرتعد قبل أن يوقّع، فالمطلوب هو الفهم الكامل لما تعنيه كلمة مخطط.”

الإصلاحات العاجلة ضرورة ملحة

تتزايد المطالبات من قبل نشطاء ومراقبين لإعادة النظر في آليات التعيين، مع التركيز على ضرورة إشراك مختصين لتقييم مؤهلات المترشحين للمناصب البلدية. كما يجب تعيين ذوي الخبرة في فترة انتقالية لضمان تنفيذ إصلاح هيكلي شامل، وإعادة تشكيل بعض اللجان المحلية لتعزيز دور البلديات في تحريك الاقتصاد المحلي. ويؤكد هؤلاء على أهمية استغلال كفاءات القيادات المتاحة، خاصة مع محدودية التمويل المتاح.

في الختام، يجدر الإشارة إلى أن استمرار غياب الكفاءات في المواقع الحساسة مثل البلديات قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات وعدم رضا المواطنين عن الخدمات المقدمة. فالإدارة المحلية تمثل بوابة المواطنين للدولة، وأي خلل في إدارتها سيؤثر بالتأكيد على فعالية الخدمات المُقدمة وثقة المواطنين بالدولة.