التاريخ لم يبدأ في سومر
في إطار نقدي يعيد تقييم الروايات التاريخية المعروفة، صدر حديثاً عن دار كلمات للنشر كتاب “التاريخ لم يبدأ في سومر” للكاتب السعودي فايد العليوي، حيث يقدم قراءة جديدة لجذور الشعوب المعروفة بـ”السامية”. يسعى الكتاب لتأكيد أن منشأ هذه الشعوب ولغاتها وحضاراتها القديمة هو الجزيرة العربية، من خلال منهج بحثي شامل.
الساميين
يحاول الكتاب وضع هذا الطرح في سياق جديد بعيداً عن النظرة الغربية السائدة. إذ يُعترف أن أول من أطلق مصطلح “السامية” هو العالم الألماني أوغست لودفيج شلوتزر في عام 1781، مما أدى إلى خلق فجوة بين الشعوب العربية القديمة والعرب الحاليين في مجالي التاريخ والثقافة. يولي الكتاب أهمية للجذور العربية للأقوام التي هاجرت من الجزيرة العربية مثل الأكاديين والعموريين والكنعانيين والإرميين، مستنداً إلى نتائج العلماء المتخصصين حول أصولهم العربية والتفاعلات الاجتماعية بينهم، مما يُعزز فكرة اعتبار لغاتهم “اللغات العربية القديمة” بسبب المتحدثين بها.
كما يسلط الضوء على أهمية الجزيرة العربية في الحضارات القديمة، حيث يُستشهد بما ذكره المستشرق الإيطالي ليون كيتاني عن تسميتها بـ”أرض الآلهة”، مما يعكس مكانتها الدينية المرموقة آنذاك. يُظهر الكتاب أيضاً أن الحضارة العُبيدية انطلقت من الجزيرة العربية نحو بلاد الرافدين وليس بالعكس، وهو ما أكده العالم العراقي أحمد سوسة الذي كان له دور في تطوير الري الزراعي بالمملكة، حيث أشار إلى اكتشافات تتعلق بحضارة قديمة سبقت العديد من الحضارات في المنطقة ونقلت التقنيات الزراعية إلى بلاد الرافدين.
يتناول الكتاب الموطن الأصلي للعرب الأنباط والآراميين كما تحدده الآثار، حيث يدل على ارتباطهم بالعرب الإسماعيليين ويشير إلى مصطلح “العرب المستعربة” الذي يُستخدم كمجادلة لنفي العروبة عن نسل إسماعيل. علاوة على ذلك، يتناول تغيير اسم الإرميين إلى الآراميين نتيجة تحريفات التوراة، مُؤكداً أن المؤرخ الإغريقي سترابون أشار إلى أن الآراميين كانوا من فروع العرب في تلك الفترة. كما يتطرق الكتاب إلى وقائع تاريخية من مصادر أثرية غربية تتعلق بالأكاديين وما يوازيها من أحداث ذكرت في المصادر الدينية العربية المتعلقة بقوم عاد.
ينقسم الكتاب إلى 11 فصلاً تتناول مواضيع متنوعة تتعلق بالتاريخ والحضارات القديمة، مما يُغني الرؤية حول الجذور التاريخية لهذه الشعوب.
تعليقات