السعودية تعزز اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية: خطوات دبلوماسية تاريخية

العلاقات السعودية الفرنسية

توصف العلاقات بين المملكة العربية السعودية وفرنسا، التي تعود إلى عام 1926، بأنها شراكة استراتيجية تتأصل في المصالح المشتركة. تركز هذه العلاقات على الحفاظ على الأمن في منطقة الشرق الأوسط المضطربة، وتعكس الالتزام المشترك بمكافحة الإرهاب وتوافق الآراء بشأن الأزمات الإقليمية. يعد توافق البلدين حول حل الدولتين أحد أبرز الأمثلة على ذلك، بالإضافة إلى التغيرات الأخيرة المتعلقة بنظام بشار الأسد.
تعتبر زيارة سمو ولي العهد إلى فرنسا في عام 2018 نقطة تحول هامة في مسار العلاقات، إذ أسفرت عن نتائج إيجابية ساهمت في تعزيز الروابط بين الجانبين. ومن المهم الإشارة إلى إشراف سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على لجنة التنسيق السعودية الفرنسية الدائمة.
كما ينبغي التذكير بالزيارة التاريخية التي قام بها جلالة الملك فيصل – رحمه الله – إلى فرنسا في عام 1967، حيث التقى بالرئيس الفرنسي شارل ديغول، مما أحدث تحولًا دراماتيكيًا في العلاقات بين البلدين. إذ قررت فرنسا بعد تلك الزيارة التخلي عن سياساتها السابقة المنحازة لإسرائيل، متبنية سياسة أكثر تفهمًا وعدالة تجاه القضية الفلسطينية.
قبل العدوان الإسرائيلي في عام 1967، كانت فرنسا هي المورد الرئيسي للأسلحة لإسرائيل، حيث اعتمد سلاح الجو الإسرائيلي على طائرات ميراج وميستير. كما كانت فرنسا مسؤولة عن بناء مفاعل ديمونة لإسرائيل، وشاركت في العدوان الثلاثي ضد مصر وقطاع غزة عام 1956. عقب ذلك العدوان، قَطع جلالة الملك سعود العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا وفرنسا وفرض حظرًا على تصدير النفط إليهما، قبل أن تعود المملكة لتستأنف علاقاتها مع فرنسا في عام 1962.
منذ زيارة الملك فيصل، شهدت العلاقات السعودية الفرنسية تطورًا مستمرًا على مدى السنوات، رغم تغير الحكومات. وقد أدانت فرنسا العدوان الإسرائيلي في عام 1967، مما ساهم في تعزيز التعاون بين البلدين.

الشراكة الإستراتيجية مع فرنسا

على مدار الـ58 عامًا الماضية، نمت آفاق التعاون بين السعودية وفرنسا، حيث تكررت الزيارات المتبادلة بين قيادات البلدين وتوقيع العديد من الاتفاقيات في مجالات مختلفة مثل التجارة والثقافة والدفاع.
منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز – رحمه الله – اعتمدت المملكة على علاقاتها مع الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في خدمة المصلحة العربية. ومن الأمثلة على هذه الجهود قيام المملكة بدور الوساطة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفرنسا من أجل الضغط للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو اعتراف جاء بعد جهود دؤوبة من وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، مما يظهر الأثر الإيجابي لمعالجة قضايا المنطقة.
يعد اعتراف فرنسا الأخير بالدولة الفلسطينية بمثابة خطوة إيجابية تساهم في تعزيز حل الدولتين، ومن المتوقع أن تحذو دول أوروبية أخرى حذوها، مما يعيد الحياة لقضية الفلسطينيين.