المقترحات الإقليمية لإنهاء الحرب
تشير الصيغة الجديدة التي يتم مناقشتها لإنهاء النزاع إلى ما وصفته مصادر مطلعة بـ”تعويضات سياسية” لإسرائيل في مقابل إنهاء العمليات العسكرية في غزة. تتضمن هذه التعويضات استئناف الاتصالات مع السعودية حول تطبيع العلاقات، وتوقيع اتفاق رسمي مع سلطنة عُمان، وإعلان سوري بإنهاء حالة العداء مع إسرائيل.
وتسعى هذه الخطوات، حسبما نقلت صحيفة “هآرتس” عن مصادر إسرائيلية وأميركية وخليجية، إلى تليين مواقف الوزراء المنتمين لليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية، مما يمهد الطريق لقبولهم اتفاقية قوامها إنهاء النزاع. ومع ذلك، لا يزال من الغامض ما إذا كانت قيادة حماس ستوافق على هذه الصيغة.
وتتحدث الصحيفة عن مرحلة أولى تتضمن إطلاق سراح عشرة أسرى أحياء، تليها مفاوضات تتعلق بالمبادئ الأساسية لإنهاء النزاع. وحسبما أفاد مصادر، فإن الاتفاق المسبق على هذه المبادئ يهدف لتسريع المفاوضات ويهدف للحيلولة دون انهيارها والعودة إلى الصراع، على أن يُعلن لاحقًا عن انتهاء الحرب رسمياً وإطلاق سراح باقي الأسرى.
وتشير الصحيفة إلى أن المبادئ المقترحة تشتمل على تنازلات كبيرة من جانب حماس، مثل نفي قادة الحركة من غزة، وإنهاء حكمهم في القطاع، ونقل السلطة إلى ائتلاف عربي مسؤول عن المسائل المدنية، بما في ذلك إعادة الإعمار.
وبينما يُتوقع أن تتعاون الدوحة مع قيادة حماس حول هذه الصيغة، هناك التزام أمريكي لضمان تنفيذ الاتفاق ومنع إسرائيل من استئناف القتال بعد الإفراج عن الدفعة الأولى من الأسرى. وعلى الجانب الإسرائيلي، تُطالب الحكومة بضمان يتيح لها استئناف الحرب إذا ما انهارت المفاوضات بعد تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق. وصرح مسؤولون إسرائيليون كبار مؤخرًا بأن الحفاظ على هذا المبدأ سيجعلهم مستعدين للتنازل بشأن بنود أخرى في المفاوضات.
وأضاف مصدر إسرائيلي أن هناك مشاورات تجري مع الولايات المتحدة حول هذه الصيغة في إطار التحضيرات لزيارة رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن الأسبوع المقبل. إلا أن مدى توصل هذه الزيارة إلى دفع الاتفاق أو إفشاله لا يزال غير واضح.
كما أفادت “هآرتس” أن بعض الوزراء الذين شاركوا في اجتماع الكابينيت حول المنطقة الجنوبية اعتبروا أن تصريحات رئيس الأركان، إيال زامير، التي تشير إلى استنفاذ غايات الحرب قد نُسقت مع نتنياهو لتحضير الأجواء لقبول الاتفاق.
في الوقت نفسه، يعتبر العديد من المراقبين أن التصريحات العلنية للوزيرين، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، المطالبين بمتابعة الحرب، قد تشير إلى إدراكهم لوجود تحرك سياسي. بينما لاحظت الصحيفة أن نتنياهو قد يمارس “خدعة” لدعم بن غفير وسموتريتش معتمدًا على الرئيس الأمريكي لدعم استمرار الحرب على حساب حياة الجنود والأسرى.
ويلاحظ أن الربط بين إنهاء النزاع و”تعويضات سياسية” لإسرائيل ليس بمبادرة جديدة، حيث تُجري إسرائيل محادثات دبلوماسية بوساطة رئيس مجلس الأمن القومي مع مسؤولين سوريين. وتشمل هذه المحادثات إدخال عمال دروز من سوريا إلى إسرائيل.
في تحليل شامل، يُفترض أن السلطات السورية تبحث عن دعم السعودية للضغط على واشنطن لدفع إسرائيل للانسحاب من الأراضي المحتلة مقابل بدء الاتصالات الرسمية مع إسرائيل. وقد تتفق إسرائيل على الانسحاب من بعض المناطق بالمقابل، مما يفتح المجال لتطورات مستقبلية قد تُثمر عن مزيد من التفاهمات الإقليمية.
خطوات نحو التسوية الإقليمية
مثلما رُصد بشكل أوضح، لا تزال المحادثات مع السعودية لإقامة علاقات طبيعية تخضع لتحقيق تقدم، في حين يبدو أن موقف الرياض لن يتغير في هذا الاتجاه قبل إنهاء النزاع على غزة. بينما تُظهر سلطنة عُمان استعدادًا أكبر لإجراء محادثات مباشرة مع إسرائيل والتي قد تقود إلى تقارب أكبر بين الطرفين إذا ما هدأ الوضع.
في الختام، تكشف الأحداث الجارية عن ديناميكيات سياسية معقدة تهدف إلى إنهاء الصراع، وقد تدفع الجهود الدبلوماسية الإسرائيلية نحو استراتيجيات تضمن لها فوائد على المستويين السياسي والأمني.
تعليقات