المساحة الجيولوجية تكشف عن أكبر تجمع للبراكين في السعودية وتاريخ آخر نشاط بركاني بالمملكة
كشفت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية عن تفاصيل جديدة متعلقة بالبراكين النشطة والخامدة في المملكة، مشيرة إلى أن منطقة “حرة البرك” على الساحل الغربي تُعتبر أكبر تجمع بركاني في البلاد، حيث تضم أكثر من 200 فوهة بركانية، وهي واحدة من أقدم وأبرز الحرات البركانية في شبه الجزيرة العربية.
البراكين في السعودية: أكبر تجمع بركاني في “حرة البرك”
أوضح محمود عاشور، رئيس مركز رصد ومراقبة البراكين في الهيئة، أن “حرة البرك” تمتد على مساحة واسعة جنوب مدينة القنفذة في منطقة مكة المكرمة، موازية لساحل البحر الأحمر، وتحتوي على تراكيب جيولوجية فريدة نتجت عن انفجارات بركانية يعود تاريخها إلى آلاف السنين.
انفجارات بركانية فريدة في “حرة البرك”
تتميز حرة البرك بوجود فوهات بركانية حلقية سوداء، تُعرف بالبراكين “الحلقية”، والتي تشكلت نتيجة لثورات بركانية انفجارية وتتميز بتراكيب نادرة على مستوى المنطقة. تغطي هذه الحرة حوالي 3000 كيلومتر مربع، مما يجعلها وجهة مثيرة للباحثين والجيولوجيين.
تاريخياً، يُعتقد أن النشاط البركاني في حرة البرك قد بدأ منذ أكثر من مليوني عام، حيث شهدت فترات من النشاط البركاني تتراوح بين الانفجارات الشديدة والهدوء، مع دلائل جيولوجية تعكس وجود تدفقات لافا بازلتية في أماكن متعددة داخل الحرة وخارجها.
مناطق النشاط البركاني الأخرى في المملكة
تحتضن المملكة العديد من الحرات البركانية الأخرى المنتشرة عبر الشريط الغربي من البلاد، ومن أبرزها:
- حرة رهط: تقع بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، وتعتبر من أشهر الحرات، حيث تضم أكثر من 700 فوهة بركانية، وكانت موقع آخر نشاط بركاني موثق في المملكة عام 1256م.
- حرة خيبر: واحدة من الحرات الكبرى في شمال المدينة المنورة، وتتميز ببراكين ذات قمم بيضاء شكلت من الرماد البركاني وتمد على مساحة تزيد عن 14 ألف كيلومتر مربع.
- حرة عويرض: تقع شمال غرب المملكة بالقرب من محافظة العلا، وتتميز بتنوع تضاريسها وقدم تراكيبها البركانية.
تُعتبر هذه الحرات جزءاً من النشاط الجيولوجي المتصل بالحزام البركاني الغربي للدرع العربي، الذي يتقاطع مع نطاق الصدع الأفريقي الشرقي.
النشاط البركاني في السعودية خلال القرن الماضي
على الرغم من عدم وجود انفجارات بركانية كبيرة خلال القرن الماضي، إلا أن هيئة المساحة الجيولوجية سجلت عددًا من الهزات الأرضية ونشاطات حرارية بسيطة في مناطق الحرات، وبالأخص حرة رهط والتي شهدت في عام 1999 تحركات زلزالية طفيفة. وقد أُخذت هذه التحركات بعين الاعتبار كإنذارات جيولوجية تم رصدها بدقة.
أنشأت الهيئة نظاماً متقدماً لمراقبة النشاط البركاني والزلازل عبر شبكة من المحطات المنتشرة في الحرات، مما يساعد في إصدار تنبيهات مبكرة في حال ظهور أي تغيرات جيولوجية غير اعتيادية. وتعزز هذه الإجراءات قدرة المملكة على التعامل مع المخاطر الطبيعية المحتملة.
في إطار استراتيجية وزارة الصناعة والثروة المعدنية، يتم حالياً تطوير خرائط جيولوجية دقيقة للبراكين، بالإضافة إلى استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد لرصد التغيرات الطفيفة في درجات الحرارة والتشوهات الأرضية. كما يتم تعزيز التوعية المجتمعية بأهمية الحفاظ على هذه المواقع الطبيعية، والتي تُعتبر جزءاً من التراث الجيولوجي للمملكة.
تعليقات