تطورات الحرب بين إسرائيل وإيران ووقف إطلاق النار
على مدار اثني عشر يوماً، جرت حرب عن بُعد بين إسرائيل وإيران، انتهت بقبول الطرفين لوقف إطلاق النار، وذلك بفضل مبادرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب. جاءت تلك المبادرة بعد أن قامت الولايات المتحدة بتقديم مساعدة محدودة لإسرائيل عبر تنفيذ غارة جوية، استهدفت ثلاثة مواقع نووية إيرانية، مما ألحق أضراراً جسيمة ببرنامج إيران النووي. بالرغم من أن هذه الغارة لم تقضِ على البرنامج، إلا أنها أضرّت به بصورة ملموسة، مما سيستغرق وقتًا طويلاً لإعادة تأهيله واستئناف العمل عليه.
الهدنة المتعثرة وتأثيراتها
يُلاحظ أن الغارة الأمريكية، رغم الجدل القائم في الولايات المتحدة حول مدى فاعليتها، أثارت آراء متباينة؛ حيث يؤكد البعض على نجاحها، بينما ينتقد آخرون عدم استهدافها لبرنامج الصواريخ الإيراني. يُعزى هذا إلى حرص واشنطن على الحفاظ على معادلة السلام في المنطقة، حتى لو كانت هشّة. إدارة ترمب كانت تأمل في الحفاظ على مستوى من الاستقرار يكفي لتشجيع الأطراف المتصارعة على إيجاد حلول للنزاع أو تقليل توتره.
الأمر اللافت هو أن إسرائيل كانت هي الطرف الذي طالب بالنجدة أولاً، رغم ذلك جاء طلبها بشكل خجول. إسرائيل، التي كانت ترفض أي حديث عن وقف إطلاق النار لمدة تزيد عن ستمائة يوم، تغيّرت مواقفها وقبلت بمبادرة ترمب بشكل سريع. من جهة أخرى، جاءت الضربة الأخيرة من طهران، التي أطلقت صاروخاً باليستياً أصاب مدينة بئر السبع، مما دفع ترمب إلى التدخل ومنع إسرائيل من الرد، خوفاً من تصعيد جديد قد يعرقل جهود وقف النار ويؤدي إلى تفاقم الصراع مع إيران.
يمكن القول إن مبادرة ترمب لوقف إطلاق النار ليست أكثر من هدنة صامتة وغير ملزمة لطرفي النزاع، ولا تشكل محاولة جادة لوضع أسس السلام في المنطقة. بالرغم من الشكوك حول فعاليتها، فإن المبادرة تُظهر قدرات واشنطن الاستراتيجية في الحفاظ على توازن القوى في المنطقة. ويمكن أن تسهم في التحكم في سلوك الأطراف المعنية، سواء تجاه وقف التصعيد أو استمرار الصراع.
إذا تمكّن ترمب من تجاوز انتقادات الكونغرس بشأن صلاحياته في اتخاذ قرارات تتعلق بالقتال خارج الحدود، فقد يُذكر كأول رئيس أمريكي يتخذ خطوة حقيقية نحو تحقيق السلام في المنطقة. لكن إن لم يتحقق ذلك، ستبقى الهدنة مؤقتة، تمهيدًا لاندلاع نزاعات جديدة في المستقبل.
الطرف الأضعف في هذا الصراع الأخير هو إسرائيل، التي فقدت شيئًا من هيبتها كقوة رادعة. حالتها تستدعي الدعم المستمر من القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لضمان أمنها. كما أن تاريخية السلام تشكل عائقًا أمام اعترافها كقوة إقليمية حقيقية، وتبقى إيران أيضًا في موقف ضعيف بعد تكبدها هزائم متكررة في النزاعات السابقة.
في الختام، يبدو أن السلام في هذه المنطقة معقد أكثر مما تظن أي قوة إقليمية أو دولية. هو أكبر من أن يُهزم أو يُستبعد تحت أي ظروف.
أخبار ذات صلة
تعليقات