خبير قانوني يشرح تفاصيل تطبيق قانون التنفيذ الجديد ويؤكد: منع حبس المدين حتى إشعار آخر

كتب المحامي الدكتور زياد محمد الفالح بشابشه * بعد نفاذ القانون المعدل لقانون التنفيذ اعتباراً من 25-6-2025، والذي ينص على عدم حبس المدين لأي التزامات تعاقدية مهما كانت قيمتها، باستثناء التزامات أجور العقارات وأجور العمال، تم طرح الكثير من الأسئلة حول تأثير ذلك على السندات مثل الكمبيالات أو البوالص أو الشيكات. كانت الإشكالية تدور حول ما إذا كانت هذه السندات تُعتبر دليلاً على دَين يتعلق بأجرة عقارات أو أجور عمالية، وبالتالي هل ينطبق عليها التعديل ويُحكم بحبس المدين بها، أم أن لها استقلالية عن أصل الدين المثبت فيها مما يعني أنه لا يمكن حبس المدين بها؟ لتوضيح هذه المسألة، كان من الضروري استعراض الآلية القانونية المعمول بها، مع الأخذ بعين الاعتبار الأحكام ذات الصلة من قانون البينات وقرارات محكمة التمييز الأردنية التي أشارت إلى مبدأ استقلالية السندات.

من المهم أن نذكر أن الحق يتساوى مع الالتزام، حيث يُعتبر حقاً من جهة الدائن والتزاماً من جهة المدين. والأصل في الإثبات يُحدد بنوع السند الذي يثبت الحق أو الالتزام، وليس بالحق نفسه. عندما يكون الحق ثابتاً لدائن ما بموجب سند معين، مثل الكمبيالة أو الشيك، فهذا لا يعني أنه لا يمكن الطعن في صحته أو قانونيته.

بموجب الفقرة الرابعة من المادة 30 من قانون البينات الأردني، يُسمح بالطعن في السند وإثبات أن مصدر الدين ثابت فيه ممنوع قانونياً أو يتعارض مع النظام العام أو الآداب. مثل هذه الحالات تعد من الوقائع المادية التي يمكن إثباتها بكل وسائل الإثبات، حتى لو تجاوزت قيمتها 100 دينار.

من ناحية أخرى، يعود التأكيد على جواز إثبات الشهادة في الالتزامات التعاقدية، حتى لو تجاوزت قيمتها 100 دينار، وذلك لتوضيح العلاقة بين السند محل الدعوى وسند آخر. لذلك، يظل مسموحاً بحبس المدين في حالات معينة مثل اتفاق المالك المؤجر مع المستأجر على تحرير شيك لأجرة العقار. فإذا كان الشيك مُحرراً بقيمة الأجرة الشهرية المستحقة، فهو مع ذلك يُعتبر دليلاً لما يتعلق بحقوق الإيجار. ففي حال عدم وجود رصيد للمستأجر، يمكن للمالك حبس المدين، لأن الحق في الأمر مرتبط بالعلاقة الإيجارية، ولذلك لا يُعتبر سنداً مستقلاً.

بالإضافة إلى ذلك، عندما يتعلق الأمر بالعامل وصاحب العمل، فإن تحرير شيك بأجر العامل المستحق لا يعني أن الحق الوارد به مستقل عن نوع الأجر. هنا يمكن للعامل أن يثبت أن القيمة المدونة في الشيك هي أجور مستحقة، وبذلك يمكنه حبس المدين في حال تملص صاحب العمل من دفعه.

أما فيما يتعلق بمفهوم الكفاية الذاتية للسندات، فلا تعارض بين هذا المفهوم وما استقر عليه القضاء الأردني في تأكيد استقلال السند كأداة ائتمان. حيث إن قرار محكمة التمييز كان واضحاً في اعتبار هذه السندات مستقلة، مع الإبقاء على الاعتبار للعلاقة بين الحق ومصدره في بعض الحالات.

فالمدين، سواء كان مستأجراً أو صاحب عمل، لا يمكنه التذرع بالظروف أو الظروف السابقة لإعفائه من الدفع، مما يفتح المجال لتطبيق قانون التنفيذ جديد بعد 25-6-2025.