مأسسة المقاومة وتحديات القيادة
كتب كمال ميرزا – إذا استشهد سماحة مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيّد “علي خامنئي” فسيأتي شخص آخر، فهل من مشكلة في ذلك؟ لقد أثبت محور المقاومة منذ بداية معركة “طوفان الأقصى” أنه تخطى، منذ زمن طويل، ثقافة “القائد الضرورة”! كم مرة يجب أن نعيد مشاهدة نفس الفلم المحروق؟ في المقابل، يدّعي الغرب أنه يعتمد على “المؤسسات” وليس الأشخاص، فلماذا يصر على اتباع نفس الأسلوب ويكرر التهديدات التي يتظاهر برفضها؟
ببساطة، إنّ الغرب في هذا الأسلوب الدعائي يخاطبنا وفق منطقنا، لا وفق منطقه هو، ويستند إلى ما استقر في وجداننا وضمائرنا، رغم تعاليم الدين ودروس التاريخ: عبادة الأشخاص والأحبار والرهبان، فقائد واحد، قائد هو ظل الله على الأرض! أليست هذه هي الطريقة التي نعبد بها حكامنا بغض النظر عن أنظمتنا؟
التركيز المبالغ فيه على فكرة “اغتيال المرشد” في الوقت الحالي هو أسلوب من أساليب التهويل والإلهاء، ويهدف إلى تحويل الانتباه عن مجريات الميدان وواقعه. إنها من أبجديات الدعاية الحربية للتهوين من شأن الخصم حين يتم اختزاله في فرد أو مجموعة من الأفراد، مما يسهل “شيطنة” هذا الخصم. كما حدث مع اسقاط تمثال صدام حسين، فتكفي الإطاحة بالشخص لتنقض المنظومة بأكملها.
هذا النوع من الحرب النفسية يضفي على العدو صورة “إلهية” بل ويعزز من قلق الناس تجاهه، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار نجاحاته السابقة في عمليات الاغتيال. في حال نجاحه مجددًا، سيصبح هذا النجاح مُكرّسًا وكأنه قد تجلى كقوة مطلقة لا تُرد.
هناك سبب آخر لمبالغة الحديث عن اغتيال المرشد، وهو أنّ أمريكا والكيان عاجزان حاليًا عن تحديد مكانه، ويحاولان زعزعة ثقة حمايته وأدواته الأمنية ليؤدي ذلك إلى ارتكاب الأخطاء.
شخصيًا، أخشى أن يكون “رأس خامنئي” هو ثمن لأي اتفاق محتمل، وأن يُستخدم كوسيلة للتفاوض والعودة إلى طاولة المحادثات. إذا حدث ذلك، سيكون “خامنئي” قد استشهد مرتين، مرةً وهو يقاوم، ومرةً كعربون لوقف دماء شعبه.
في النهاية، إذا استشهد “خامنئي”، فإنه سيسلم أمره إلى الله، لكن ماذا سيفعل السلاطين العرب والمسلمون بعد ذلك؟! مفهوم الهيمنة لن يكون كافيًا لوصف الوضع المستقبلي.
التحديات في مرحلة ما بعد الاغتيال
إذا تحقق مثل هذا السيناريو، فكيف سيؤثر ذلك على القوى الإقليمية والدولية؟ فهل ستتمكن الأطراف المعنية من تخطي مرحلة ما بعد الانهيار المحتمل للقيادة الإيرانية، أم ستتفاقم الأمور أكثر؟ إن التحديات لا تتعلق فقط بفقدان القائد، بل بمدى قدرة توحيد الصفوف في مواجهة التحديات القادمة.
تعليقات