لليوم الخامس على التوالي، تستمر الاشتباكات المسلحة بين إسرائيل وإيران، في واحدة من أكثر جولات التصعيد تعقيدًا وخطورة في تاريخ الصراع الإقليمي. ورغم ما أُعلن عن تنفيذ طهران لهجمات صاروخية “غير مسبوقة” استهدفت العمق الإسرائيلي، إلا أن الحصيلة الرسمية من الجانب الإسرائيلي ما زالت منخفضة، ولا تعكس مقارنةً خطورة الهجمات ومعاناة المدنيين.
وفقًا لبيان من مكتب الإعلام الحكومي الإسرائيلي، سقط 24 قتيلاً إسرائيليًا وأصيب حوالي 600 آخرين منذ بداية الهجمات يوم الجمعة الماضية، على الرغم من تأكيد الجيش الإسرائيلي إطلاق إيران لأكثر من 370 صاروخًا، حيث سقط منها 30 داخل الأراضي الإسرائيلية.
يعود السبب الرئيسي وراء انخفاض عدد الضحايا إلى فعالية نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي، الذي تمكن من اعتراض نحو 80% من الصواريخ الإيرانية، كما أوضحت قيادة الجيش، حيث تُعتبر هذه المنظومة من بين الأكثر تطورًا عالميًا، مصممة للعمل عبر عدة طبقات لمواجهة الصواريخ بأنواعها المختلفة.
عامل آخر يسهم في حماية المواطنين هو الملاجئ الدفاعية التي تحظى بها إسرائيل منذ تأسيسها، حيث تُعدّ الملاجئ جزءًا أساسيًا من أي بناء سكني أو حكومي، مصممة وفق معايير صارمة، وتوفر حماية كبيرة للسكان.
شهدت هذه المنظومة تطورًا ملحوظًا منذ حرب الخليج عام 1991، وأيضًا بعد هجمات حزب الله في عام 2006، لتصبح عنصرًا يوميًا في الحياة الإسرائيلية، حيث تقوم الجبهة الداخلية للجيش بتنظيم تدريبات دورية تستطيع خلالها السكان التعامل مع صافرات الإنذار.
على الرغم من الاعتراف الرسمي بعدد القتلى، تنمو التساؤلات حول دقة الأرقام المُعلنة في ظل ما يعتبره البعض “تعتيماً إعلامياً ممنهجاً” من قبل الحكومة الإسرائيلية، والتي تفرض من خلال قانون الطوارئ قيودًا صارمة على نشر أي معلومات.
يُعتقد بعض المحللين أن هذا التعتيم يهدف إلى تهدئة الرأي العام المحلي وتفادي إعطاء معلومات تقلق الشارع الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه، توضح إسرائيل موقفها كدولة ذات بنية دفاعية متماسكة.
وفيما يتعلق بالإنذارات المبكرة، فإنها تلعب دورًا حاسمًا في تقليل الخسائر، حيث تُصدر إشعارات قبل سقوط الصواريخ، مما يمنح السكان فرصة للوصول لملاجئهم. تُعتبر هذه الأنظمة دقيقة وتغطي معظم أنحاء البلاد.
من ناحية أخرى، تواصل إيران التأكيد على أن تل أبيب تخفي الأعداد الحقيقية للقتلى، وقد صرح قائد الحرس الثوري الإيراني بأن الهجمات أدت إلى تدمير مبنى يضم 70 إسرائيليًا. يُرجح أن تل أبيب تتعمد عدم الكشف عن الخسائر في المواقع العسكرية المهمة، حتى لا تفيد إيران من تلك المعلومات.
في ظل استمرار الصراع، أصبحت المعلومات والأرقام أدوات في “الحرب النفسية”، حيث تسعى كل من الجانبين لإدارة المعلومات بشكل فعّال impacting on the public perception, مما يوضح أهمية السيطرة على المحتوى الإعلامي في الصراع الحالي.
تعليقات