على مر الزمن، تمكّنت القوى اللبنانية من استعادة توازنها مع نشوء حزب الله كفاعل رئيسي يتجاوز الساحة المحلية إلى الأبعاد الإقليمية، ولاسيما بعد طرد إسرائيل من جنوب لبنان في مايو/أيار 2000. كانت الرواية السورية تفيد بأنه لا يمكن للبنان تحقيق سلام مع إسرائيل دون موافقة أو مشاركة سوريا، مما سبب انقسامًا بين فئات لبنانية مختلفة، حيث تأيّد هذا المفهوم من قبل “الثنائي الشيعي” وبعض الأحزاب، بينما عارضته القوى المسيحية وبعض الزعامات التقليدية.
أثير الحديث حول تلازم المسارين مجددًا مع انطلاق عملية السلام في مدريد، وقد تزايد الجدل حول قدر تأثير هذا التلازم على لبنان، خاصةً بعد تصاعد التقارب العربي مع إسرائيل، وزيادة الضغوط على دمشق. وقد حاولت سوريا تحت القيادة الحالية الاستفادة من الوضع لتحقيق السلام مع إسرائيل، مُعبرة عن رغبتها في خطوات سلام، بينما كانت إسرائيل تواصل استغلال الحدود.
الشأن اللبناني، الذي تعاني فيه البلاد من أزمات عدة، لا بد له من التعافي والإعمار، بل إن بعض اللبنانيين يرون أن التوجه نحو الاتفاقات المفتوحة مع إسرائيل قد يكون منقذًا للبلاد في ظل ظروف مشابهة لما تمر به سوريا. ومن المعروف أن القوة الدافعة وراء كل ذلك تُعتبر السياسة الأمريكية التي بدأت تُقارب الوضع اللبناني والسوري كمجموعة واحدة، مما أعاد فكرة “الوصاية” إلى الواجهة.
يبرز هذا الانقسام مجددًا بين القوى اللبنانية المختلفة، حيث نجد أن خصوم الأمس لنظرية التلازم أصبحوا اليوم من المدافعين عنها، بينما يتحوّل المناصرون السابقون لها إلى خصوم، مما يعكس التغيير الحاصل في الهياكل السياسية والإقليمية. واقع لبنان اليوم يقود نحو إعادة تقييم الروابط التاريخية مع سوريا، وقد يستمر في مواجهة ثنائية “الوصاية” و”التلازم” لوقت طويل قادم.
التلازم بين سوريا ولبنان: وجهات نظر متباينة
يناقش الكثيرون اليوم مفهوم التلازم بين سوريا ولبنان، حيث يعود الجدل حول هذا الموضوع إلى الطروحات السياسية المتنوعة بين الأطراف المختلفة.
هل انفصل المساران؟
تتفاوت الآراء حول ما إذا كان التلازم لا يزال قائمًا أو أن لكل من الدولتين مسارات منفصلة، مع استمرار الأزمات والمشكلات السياسية الداخلية. ومع ظهور مواقف تتعلق بالسلام، يبقى الوضع غير واضح بين الاندماج أو الانفصال بين المسارين.
تعليقات