رائد الفضاء البريطاني تيم بيك يعبر عن انتقاده الشديد للرحلة الفضائية القصيرة التي خضعت لها الفنانة كاتي بيري مؤخراً. هذه المهمة، المنظمة من قبل شركة بلو أوريجين التابعة لجيف بيزوس، لم تُقدم في رأيه أي إسهام يذكر في مجال التقدم العلمي أو استكشاف الفضاء. استغرقت الرحلة حوالي 10 دقائق و21 ثانية، وشملت مجموعة من الركاب اللامعين، بما في ذلك بيري نفسها، الذين لم يتم اختيارهم بناءً على معايير علمية أو استكشافية.
نقد تيم بيك لمهمة كاتي بيري الفضائية
في تصريحاته، يؤكد تيم بيك أن أي نشاط في الفضاء يجب أن يركز على تحقيق فوائد ملموسة للمجتمع العالمي، مثل تطوير البحوث العلمية، تعزيز الاستكشاف، أو توسيع المعرفة البشرية. وفقاً لما ذكره، فشلت مهمة بيري في الوفاء بهذه الشروط، مما يجعلها، في اعتقاده، مجرد رحلة ترفيهية ليس لها تأثير حقيقي. يعتقد بيك أن التركيز على مثل هذه الرحلات يعكس نقصاً في التوجيه المناسب لبرامج الفضاء التجارية.
معارضة رائد الفضاء لسياحة الفضاء
علاوة على ذلك، يشير بيك إلى أن إدارة العلاقات العامة للمهمة كانت غير فعالة، حيث لم تبرز مساهمات بعض أعضاء الطاقم البارزين، مثل المهندسة عائشة بو والناشطة أماندا نجوين، اللتان تمتتعان بخبرة في مجالات العلوم، التكنولوجيا، الهندسة، والرياضيات، وواحدة منهما مرشحة لجائزة نوبل. هذا الإغفال، كما يقول، يعكس عدم الاهتمام بتعزيز القيم التعليمية الحقيقية لمثل هذه الرحلات. في الواقع، تشكل هذه المهمة جزءاً من صناعة ناشئة تُعرف بـ”سياحة الفضاء”، حيث يمكن لأفراد غير متخصصين، مثل مشاهير وأثرياء، الوصول إلى تجارب فضائية قصيرة تصل إلى ارتفاعات تتجاوز 66 ميلاً فوق سطح الأرض، كما حدث في رحلة 14 أبريل التي شملت أيضاً لورين سانشيز وكيريان فلين.
ومع ذلك، يعترف بيك بأن مثل هذه الرحلات يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً في إلهام الجيل الشاب، خاصة إذا تم تنفيذها بطريقة تدمج تعليمات علمية أو تعزز الوعي بالاستكشاف الفضائي. على سبيل المثال، قد تكون هذه التجارب بوابة لجذب المزيد من الأشخاص نحو دراسة العلوم والتكنولوجيا، مما يعزز من الابتكار العالمي. غير أنه يحذر من أن التركيز الحالي على الجوانب التجارية والترفيهية، كما في حالة رحلة بيري، قد يقلل من أهمية الفضاء كمجال للتطور البشري، بدلاً من أن يجعله مجرد تجربة حصرية للأغنياء.
بالنظر إلى المستقبل، يرى بيك أن صناعة سياحة الفضاء، التي تقدم رحلات سريعة وآمنة عائدة إلى الأرض، تحتاج إلى إعادة توجيه نحو أهداف أكثر شمولية. على سبيل المثال، يمكن دمج هذه الرحلات مع برامج تعليمية أو بحثية لضمان أنها تساهم في بناء معرفة جماعية. في السياق ذاته، يبرز أن النجاح الحقيقي لمثل هذه المبادرات يكمن في قدرتها على خلق تأثير دائم، سواء من خلال تطوير تقنيات جديدة أو تشجيع الشباب على المشاركة في المجالات العلمية. ومع ذلك، يظل السؤال مطروحاً: هل يمكن لهذه الرحلات أن تتجاوز كونها مجرد رحلات سياحية لتكون جزءاً من التقدم الإنساني؟
في الختام، يدعو بيك إلى تعزيز التنسيق بين الشركات الفضائية والمؤسسات العلمية لضمان أن كل مهمة فضائية تلبي معايير التميز والفائدة. هذا النهج، في رأيه، سيحول سياحة الفضاء من مجرد مغامرة شخصية إلى أداة للتقدم العالمي، مما يعزز من دور الفضاء في حل التحديات البشرية مثل تغير المناخ والاستكشافات الطبية. بهذه الطريقة، يمكن أن تكون رحلات المستقبل نموذجاً للتوازن بين الإلهام والابتكار.
تعليقات