في عصر يشهد تطورًا سريعًا للمشهد الفني في الشرق الأوسط، يبرز معرض “شذرات من الفلكلور” كحدث ثقافي بارز في الرياض، حيث يجسد التقاليد الشعبية من خلال رؤى فنية معاصرة. يهدف هذا المعرض إلى ربط الإرث الثقافي بالابتكار الحديث، مما يعزز الوصول إلى الفن داخل المملكة العربية السعودية وفي العالم أجمع. مع تزامنه مع عام الحِرف اليدوية 2025، يسلط الضوء على التراث الحرفي كقوة حية تتفاعل مع السياقات الفنية الراهنة، محولًا حي جاكس إلى مركز إبداعي نابض.
معرض شذرات من الفلكلور: تواصل بين التراث والابتكار
يُمثل معرض “شذرات من الفلكلور” تعاونًا فريدًا بين ثاء السعودية، ومرآة للفنون في باريس والشرق الأوسط، وترياد في بلجيكا، ليربط بين الحوارات الفنية المحلية والعالمية. يجمع الحدث نخبة من الفنانين البارزين، مثل حمرا عباس، لولوة الحمود، راشد آل خليفة، ورائدة عاشور، الذين يعيدون صياغة العناصر الثقافية الموروثة في أعمال معاصرة. هؤلاء الفنانون يستلهمون من الرموز والنقوش التقليدية، كما في أعمال برويغل أو غويا، ليحولوا التراث من مجرد سرد شفهي إلى أرشيف حي يتفاعل مع الواقع. من خلال هذا النهج، يبرز المعرض دور الفن في تعزيز الهوية والابتكار في مجتمعات متغيرة، مع الالتزام برؤية 2030 التي تهدف إلى جعل السعودية مركزًا ثقافيًا عالميًا.
بالإضافة إلى ذلك، يعكس المعرض التحول الثقافي الديناميكي في المملكة، حيث أصبحت الرياض وجهة فنية رائدة مع مشاريع مثل “اللوفر الرياض” وتوسع مركز بومبيدو في العلا. هذه الجهود تؤكد على تمكين المرأة في الفن، كما في مشاركة فنانات سعوديات، مما يتوافق مع أهداف الرؤية في تعزيز الدور النسائي. كما يساهم المعرض في تغيير السرديات الفنية التقليدية في الخليج، من خلال تمكين الأصوات المحلية وإعادة تعريف الوصول إلى الفن كحق أساسي. يتجاوز الحدث كونه عرضًا فنيًا، ليصبح منصة للحوار العالمي، مع دعم الفنانين الناشئين وإتاحة أعمال فنية بأسعار مناسبة، مما يعزز الاستدامة الثقافية ويكسر المركزية الأوروبية.
أجزاء من التراث الشعبي في السياق المعاصر
في هذا السياق، يبرز معرض “شذرات من الفلكلور” كبيان ثقافي يعيد تشكيل مفاهيم الهوية والرمزية. يجمع بين السرديات السعودية، البحرينية، والباكستانية، ليفتح أبوابًا للحوار المتعدد، كما في أعمال الفنانين المشاركين الذين يدمجون التجريد والخطوط التقليدية في تصاميمهم. هذا النهج يتوافق مع الجهود الوطنية لجعل المملكة محورًا فنيًا، خاصة مع أحداث مثل بينالي الفنون الإسلامية ومعرض Desert X العلا، التي تسلط الضوء على التراث الإسلامي والسرديات المحلية. من خلال هذا، يصبح المعرض جزءًا من نهضة فنية أوسع، تشمل الإرشاد للفنانين الناشئين، وربط السرديات المحلية بالعالمية عبر شراكات في باريس وبروكسل، وإعادة تفسير التراث لضمان استمراريته.
في الختام، يمثل معرض “شذرات من الفلكلور” لحظة فارقة في تطور الفن المعاصر في السعودية، حيث يعكس الطموح الثقافي للمملكة في أن تكون قوة رائدة عالميًا. مع تركيزه على الابتكار والتفاعل، يدعو الجميع إلى إعادة اكتشاف الهوية من خلال الفن، مما يجعل الرياض نقطة انطلاق لمستقبل ثقافي مشرق. هذا الحدث ليس مجرد عرض، بل تجربة حية تؤكد على دور الفن في بناء مجتمعات أكثر تنوعًا وإبداعًا.
تعليقات