تراجع توقعات التضخم في تركيا وسط انكماش القطاع الصناعي
تشير البيانات الصادرة عن البنك المركزي إلى أن الاقتصاد التركي يعيش تحولات دقيقة، حيث تعكس توقعات التضخم تراجعاً ملحوظاً في عدة قطاعات، وهو ما يدعمه مسؤولون حكوميون بارزون. وفقاً لاستطلاع “توقعات التضخم القطاعية” لشهر أغسطس، انخفضت تقديرات التضخم لعام 2024 بشكل ملحوظ، ويعتبر وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك والرئيس رجب طيب إردوغان أن هذه المؤشرات تعكس نتائج برنامجهما الاقتصادي. ومع ذلك، يبقى هذا التفاؤل مهدداً بالتحديات، خصوصاً في ظل انخفاض معدل الاستفادة من القدرة الإنتاجية في القطاع الصناعي للشهر الثالث على التوالي، مما يدل على أن الطريق نحو استقرار اقتصادي دائم لا يزال طويلاً.
أظهرت نتائج الاستطلاع أن توقعات التضخم في القطاع المالي تراجعت بنسبة 0.6 نقطة مئوية خلال 12 شهراً الماضية لتصل إلى 22.8%، بينما انخفضت توقعات مؤشر أسعار المستهلكين في القطاع الحقيقي بمقدار 1.3 نقطة مئوية لتبلغ 37.7%. كما شهدت التوقعات الأسرية انخفاضاً بسيطاً بمقدار 0.4 نقطة مئوية وصولاً إلى 54.1%. وتجدر الإشارة إلى أن نسبة الأسر التي تتوقع انخفاض التضخم خلال العام المقبل زادت بحوالي 1.0 نقطة مئوية مقارنة بالشهر الماضي، لتصل إلى 27.6%.
تحسينات ملحوظة في التوقعات الاقتصادية
في تعليق له على نتائج الاستطلاع، أكد شيمشك على تحسن توقعات التضخم بدعم من انخفاض الاتجاه الأساسي للتضخم. وأشار إلى أن الحكومة ستستمر في تنفيذ برنامج اقتصادي يهدف لتحقيق استقرار دائم للأسعار. وعبر حسابه في “إكس”، أوضح شيمشك أن التوقعات بالنسبة للقطاعات الحقيقية والأسر البصرية قرب مشابه مما كانت عليه في العام الماضي، مما يعكس تقدماً إيجابياً في المناخ الاقتصادي.
من جانبه، أكد الرئيس إردوغان أن تحسين توقعات التضخم يتزامن مع بقاء معدل البطالة في أدنى مستوياته منذ 26 شهراً. وقدم إردوغان إشارات على انتعاش الأسهم وزيادة الثقة في الليرة التركية، معتبراً أن نتائج برنامجهما الاقتصادي بدأت تحصد ثمارها في مجالات متنوعة.
على الرغم من هذه المؤشرات الإيجابية، لا تزال البيانات تشير إلى انكماش في القطاع الصناعي، حيث انخفض معدل استخدام القدرة الإنتاجية إلى 73.5% في أغسطس، وهو أدنى مستوى منذ جائحة كورونا. ومع تأكيدات البنك المركزي التركي على تواصل التحديات التي تواجه القطاع، يبدو أن الحاجة إلى اتخاذ إجراءات داعمة للاقتصاد أصبحت ضرورية، خاصة بعد تراجع ثقة الشركات في التوقعات المتعلقة بالاستثمار والتوظيف.
يتعين على صانعي القرار التركيز على كيفية موازنة تحقيق الاستقرار النقدي مع الحاجة إلى تحفيز النمو الاقتصادي. يُعتبر القطاع الصناعي أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد التركي، حيث يسهم بأكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي ويستوعب نسبة كبيرة من القوى العاملة. ومن هنا، فإن أي تراجع في أدائه قد يكون له آثار مباشرة على النمو الاقتصادي ومستويات البطالة، مما يعكس أهمية التدخل المبكر لتحقيق التعافي والنمو المستدام.
تعليقات