ريادة الأعمال بين الشباب في الشرق الأوسط
تشير المؤشرات الحديثة إلى أن طموحات ريادة الأعمال لدى الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، حيث أعرب 46% من العاملين عن رغبتهم في إنشاء مشاريعهم الخاصة. هذا التحول يعكس تغييراً جذرياً في توجه الجيل الجديد نحو خلق الفرص وبناء مسارات مهنية مستقلة بدلاً من الاعتماد على الوظائف التقليدية.
المشاريع الناشئة والابتكار
تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة تعزيز مكانتها كأفضل وجهة عالمية للشركات الناشئة، حسب تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال 2024-2025، الذي منحها المرتبة الأولى عالمياً للعام الرابع على التوالي، متفوقة على 55 اقتصاداً. وتجذب الإمارات الانتباه بفضل تميزها في 11 من أصل 13 مؤشراً متعلّقاً بالدعم المؤسسي لريادة الأعمال، مثل سهولة الوصول إلى التمويل والمرونة التنظيمية، بالإضافة إلى دمج الثقافة الريادية في التعليم.
تشير البيانات إلى أن أكثر من 5600 شركة ناشئة نشطة تعمل في الإمارات، وهو الرقم الأعلى بين دول مجلس التعاون، حيث نجحت في جذب ما يقرب من 87 مليون دولار من التمويل في شهر واحد. تسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي يبلغ عددها 557,000، بحوالي 63.5% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، مع هدف للوصول إلى مليون شركة بحلول عام 2030.
في هذا السياق، تلعب الشارقة دوراً بارزاً في تمكين الشباب من خلال برامج ومبادرات يقودها مركز الشارقة لريادة الأعمال (شراع)، الذي يركز على العقلية الريادية في التعليم والممارسة. من بين هذه المبادرات، نجد “الوكالة الطلابية” التي تم إطلاقها بالتعاون مع “شراع” والجامعة الأمريكية في الشارقة، حيث يشارك الطلاب في مشاريع فعلية تتبع جداول زمنية واضحة، مما يساعدهم على اكتساب الخبرة العملية قبل التخرج.
ومع ذلك، لا تقتصر أنشطة “شراع” على البرامج التعليمية، بل تشمل أيضاً مسارات تدريبية مثل “دوجو ريادة الأعمال” و”دوجو ريادة الأعمال المتقدم”، حيث يتم نقل الأفكار من مرحلة المفهوم إلى النماذج الأولية والمنتجات الجاهزة للتوسع، مع اهتمام خاص بتطوير ملاءمة السوق وفتح قنوات تواصل مع الشركاء والمستثمرين. هذه البرامج توفر للشباب فرصة التحول من أفكار مبتكرة إلى شركات قابلة للنمو، مستفيدين من بيئة داعمة وتشريعات مرنة.
تعتبر الاستثمارات في شباب الإمارات وفي الشارقة ركيزة استراتيجية نحو بناء اقتصاد المستقبل. ومع تضافر الرؤية الوطنية مع البرامج العملية، تتعزز قدرة الدولة على إعداد جيل جديد من رواد الأعمال القادرين على المنافسة على الساحة العالمية وتحويل طموحاتهم إلى إنجازات تضيف قيمة اقتصادية حقيقية للوطن.
تعليقات