غادة نصار: ذكريات الطفولة في السعودية حين كانت الفرشاة ملاذاً

الفنانة اللبنانية غادة طارق نصار وإلهامها الفني

تحتفظ الفنانة اللبنانية غادة طارق نصار في ذاكرتها بصور نادرة تعود لطفولتها في المملكة العربية السعودية، حيث بدأ شغفها بالفن قبل أن تدرك حتى أنه يعتبر فنًا. كان ذلك منذ أن كانت في العاشرة من عمرها، حيث وجدت في الرسم منفذًا للتعبير عن مشاعرها، واستطاعت من خلال ورقة وقلم أن تخلق حوارًا داخليًا يغني عن الحديث. ومنذ تلك اللحظة، بدأ اللون يحل محل الكلمة، والخط يتجسّد بأحاسيسها، لتتبلور ملامح هويتها البصرية التي لا تزال تذكر بساطة المكان وغموض طفولتها.

تجربتها الفنية ومكانتها

تتذكر غادة حادثة مؤلمة عندما عوقبت في المدرسة بسبب رسمها هيئة إنسان، في وقت كانت فيه حرية التعبير البصري خاضعة للقيود. ومع ذلك، لم يمنعها ذلك من مواصلة artistry، بل أعطاها إحساسًا عميقًا بأن فنها يجب أن يعبر عن ذاتها بعيدًا عن رضا الآخرين. اليوم، تحمل العديد من لوحاتها ذلك الغموض، وكأنها لا تزال تحاور تلك الحقبة وتقدمها بتفسيرات فنية تبقى حاضرة في الذاكرة.

تؤمن غادة بأن لكل بيئة لغتها الفنية؛ ففي لبنان تنبع أعمالها من جمال الطبيعة والتراث الثقافي، بينما تعكس تشكيلات الفن السعودي طبيعة الصحراء وجمال خطها العربي. كما تذكّر بأن السعودية تشهد حاليًا تحولاً هائلًا نحو الحرية الإبداعية، حيث أصبح الفن وسيلة للتعبير الحر يأخذ طريقه نحو العالمية، وهو تحول تاريخي يمنح الفنانين في المملكة فرصة لإبراز مواهبهم.

بالنسبة لغادة، يعد الفن أكثر من مجرد مهنة أو هواية؛ إنه انعكاس لحالتها الشعورية، إذ تميل إلى الألوان الزاهية عندما تكون في مزاج جيد، بينما تندمج الألوان الداكنة بحزنها. تشدد على أن العمل الفني الصادق ينبع من المشاعر، وأن اللوحة الجيدة ليست التي تعكس الواقع، بل التي تلمس أرواح المتلقين.

أما تجربتها في لبنان فقد وسعت آفاقها، لكنها لا تزال وفية للقيم والتأثيرات التي تربت عليها في السعودية. إن هذا المزيج بين الانفتاح والثوابت يمنحها أسلوبًا فنيًا فريدًا يجمع بين الذاكرة والحداثة.

غادة نصار، التي تمتلك حضورًا بارزًا في معارض تشكيلية في لبنان والسعودية، من معرض «تسامي» في جدة إلى معرض جبران خليل جبران وجامعة AUT، تحمل معها ثراءً فنيًا متنوعًا يشمل التطريز الإلكتروني وتصميم الأزياء والإكسسوارات والجرافيك ديزاين والوشم ورسوم الكوميكس. ورغم تنوع أعمالها، تظل جذورها متأصلة في تربة المملكة التي عشقت الفن منها، وتعتبرها الوطن الذي غرس في قلبها شغف الفنون وألهم خطواتها اللاحقة.