أخبار محلية: قراءة متعمقة في الأحداث العاجلة

كتب د. ماجد الخواجا

يظهر جلياً واقع الإعلام في الأردن، حيث شهد انحداراً ملحوظاً بعد أن كان يعتبر نموذجاً للحرية الإعلامية في العالم العربي. بدأ هذا التدهور في بداية الربيع العربي قبل 15 عاماً، عندما انفتحت مجالات التعبير في العديد من الدول العربية، بما فيها الأردن. كانت هذه البلاد تتمتع بثقافة تسهل حرية التعبير، مما أعطى المجال للنقد الجريء لكافة مستويات الحكومة. فقد تناولت كتاباتي النقدية كل من الرؤساء والوزراء بأسلوب ساخر ومؤثر، وأثمرت تلك المرحلة عن إصدار عدة كتب انتقدت الوضع السائد، حتى أنني طلبت من رئيس وزراء سابق كتابة مقدمة لإحدى الكتب التي انتقدت حكومته، لكنه اعتذر.

توضح هذه التطورات كيف تمكن الأردن من تحقيق مكانة مرموقة في حرية الصحافة على المستوى العربي، لكن الأمور تغيرت بشكل كبير حتى وصلنا إلى ذيل قائمة الحريات الصحفية. كانت التعديلات التي أجريت على قانون المطبوعات هي بداية هذا الانحدار، حيث تم تشديد القوانين وزيادة العقوبات، مما جعل هناك قيوداً صارمة على حرية الإعلام. تولى قضاة مختصون قضايا الإعلام، وكانت الغرامات الوقتية بسيطة، بل كان هناك مجال للتنازل عن القضايا بشكل ودي.

ومع إقرار قوانين جديدة مثل الجرائم الإلكترونية ومكافحة الإرهاب، أصبحت القيود على التعبير أكثر تعقيداً، مما أثر بالسلب على إمكانية ممارسة النقد والطعن في ممارسات المسؤولين. وكما نرى، الإعلام في الأردن منذ 2021 يعاني من فقدان مقومات العمل الصحفي الحقيقي، حيث لم يعد هناك مجال للتحليل المعمق أو التحقيقات الاستقصائية. أصبحت المواقع الإعلامية تتشابه إلى حد كبير، ولا يرتقي المحتوى إلى مستويات عالية من النقد أو التحليل.

تراجع مستوى الكتابة الصحفية إلى درجة كبيرة، بحيث باتت معظم المقالات تقتصر على الإشادة أو الوصف العام الذي لا يتطرق للأبعاد النقدية الحقيقية. لذلك، فإن الإعلام الأردني يعاني من تدني مستويات الحرية الإعلامية وجودة المحتوى، والأهم من ذلك هو وجود جو من الخوف يعيق الصحفيين من القيام بمهامهم.

حالة الإعلام الأردني

يمكن تحديد مظاهر تدني الوضع الإعلامي في الأردن من خلال عدة نقاط، فهي تبرز عدم وجود تمايز بين الوسائل الإعلامية، عدم تنوع المحتوى، انعدام الجرأة في النقد، وتراجع مستويات الطرح للمواضيع السياسية والاجتماعية. كما أن مواقع التواصل الاجتماعي العالمية قد غزت المشهد الإعلامي، مما ساهم في انتشار محتوى ضحل ومثير للاستغراب.

الواقع الصحفي في الأردن

الأمر يستدعي إعادة النظر في القوانين والحصول على معلومات بحرية ودعم حقيقي للإعلاميين، إذ ينبغي توفير بيئة صحفية تسهم في تعزيز حرية التعبير. إن منح جميع الإعلاميين الفرصة للتعبير بحيادية وتوفير منصات تعزز من أداءهم المهني سيكون له أثر بالغ في تحسين الصورة العامة للإعلام الأردني.

باختصار، إن واقع الإعلام الأردني يحتاج إلى جهد كبير لتعود له حيويته ويماشى مع المعايير المطلوبة لحرية الصحافة والتحليل الموضوعي.