من بائع صَبَعْبلي إلى عضو شورى: رحلة د. محمد الخنيزي في السعي نحو حقوق الإنسان والتعليم

القطيف: ليلى العوامي

في صغره ومراهقته، عمل في بيع مثلجات “الصّبَعْبلي” لزملائه، وكان يحمل الأغراض في براحة الحليب وسوق الخميس، كما ساعد والده في دكانه. ومع بدء شبابه، تحمل ثلاث مسؤوليات؛ كموظف في رحيمة وطالب في الثانوية بالدمام ومساعد لوالده في المنزل.

والد الدكتور محمد الخنيزي

هذه هي البداية الحقيقية لسيرة الدكتور محمد بن الحاج مهدي الخنيزي، أحد الشخصيات الوطنية المعروفة ورجالات التعليم والإدارة بالمملكة، والذي أنجز مسيرة مشرفة تمتد لعقود من الزمن في خدمة الوطن والمجتمع، مما يجعله رمزاً للتميز الأكاديمي والعطاء الإداري والحقوقي في مجال التعليم.

ظهر تأثيره الكبير من مراحل دراسته حتى انخراطه في منابر الشورى وحقوق الإنسان. قدم حضورًا فكريًا متميزًا وسيرة غنية بالعطاء والإخلاص، حيث لا يُعتبر مجرد اسم أكاديمي أو إداري، بل هو نموذج يُحتذى به في زمن يحتاج إلى العظماء في أفكارهم وإنسانيتهم، إنه الدكتور محمد مهدي الخنيزي.

بداية

ولد الدكتور محمد الخنيزي عام 1945 في قلعة القطيف، حيث حصل على الدكتوراه في الإدارة التعليمية عام 1984 من جامعة شمال كولورادو في الولايات المتحدة. كما حصل على الماجستير في نفس المجال عام 1979 من جامعة أوكلاهوما، بالإضافة إلى دبلوم في الإدارة التعليمية عام 1978 من نفس الجامعة. وقد حصل أيضًا على درجة البكالوريوس في الجغرافيا عام 1973 من جامعة الملك سعود بالمملكة.

جواز سفر والده بأمر ثاني أمير للقطيف في العهد السعودي

حياته

نشأ الدكتور الخنيزي في حي القلعة بالقطيف، تحت رعاية والدين كريمين، حيث كان والده موظفًا في الإدارة التي كانت تعرف بـ “مالية القطيف”. بسبب تقاعد والده، انتقل إلى الدراسة في المساء بالدمام عند إكمال دراسته الثانوية، بينما كان يعمل في بلدية رحيمة نهارًا.

يحدث عن والدته الراحلة بأنها كانت ذات شخصية قوية، ابنة الحاج جعفر حسن الخنيزي الذي استشهد في واقعة الشُرْبة عام 1326هـ، وكيف كانت بمثابة الدعم الأول له في مسيرته التعليمية رغم التحديات المالية.

صرامة أم

يتذكر الدكتور الخنيزي كيف كانت والدته تعلمه أهمية العمل الجاد والاهتمام بالوقت، حيث كانت تحرص على الاستعداد للمدرسة في الصباح، وتؤكد له ضرورة الالتزام حتى في الأوقات الصعبة.

ذكريات طفولة

يستحضر الدكتور محمد لحظاته الأولى التي شكلت شخصيته المستقلة، حيث يروي موقفًا من طفولته عندما قرر والده قطع المصروف عنه كعقوبة بسبب رفضه حلق شعره، مما جعله يبحث عن طرق لتأمين احتياجاته ببيع الأدوات المدرسية.

عقب تخرجه من الجامعة بعامين، تزوج وسافر إلى أمريكا عام 1976 للمواصلة في دراسته العليا، حيث أتم دبلوم التربية والماجستير والدكتوراه فيما بعد.

مدرسة للتجارب

لا ينسى الدكتور الخنيزي الظروف الصعبة التي عاشها خلال فترة امتحاناته، وكيف استعد لاختبار الفقه بطرق مبتكرة في ظلام المنزل.

تحديات يومية

واجه الدكتور الخنيزي العديد من التحديات المالية خلال حياته، ولكنه تمكن بإرادته القوية من التغلب عليها، حيث اكتسب ثقة العديد من القيادات التعليمية.

في أمريكا

تعتبر فترة الابتعاث إلى أمريكا من المحطات الحاسمة في حياته، حيث صقلت معرفته وفتحت له آفاق فكرية جديدة، موضحًا تقديره لـ الأمير خالد بن فهد الذي دعم بعثته.

عودة إلى البدايات

من خلال تجربته العملية المبكرة في دكان والده، اكتسب المهارات التجارية، وواصل العمل في عدة وظائف مرموقة خلال فترة دراسته الجامعية، حيث كان يعمل في العديد من الشركات لتأمين مصاريف الدراسة.

يتذكر مواقف صعبة عاشها خلال فترة الجامعة بسبب ضيق ذات اليد، مما ساهم في تشكيل إرادته القوية وعزيمته على تحقيق أهدافه.

نجح في تجاوز تحديات القبول الجامعي، حيث كانت المنافسة شديدة مع تقديم عدد محدود من الأماكن.

رغم البعد عن وطنه، استمر في التواصل مع مجتمعه المحلي، مما أظهر ولاءه وانتماءه للقطيف.

– وشغل عدة مناصب، منها:

عمل مأمور مستودع وأمين صندوق بلدية رحيمة.

عمل مشرفاً على إدارة التخطيط بوزارة التربية.

ترأس قسم التحليل الإداري لوزارة التربية والتعليم.

عمل أستاذًا للإدارة التعليمية بكلية المعلمين بالرياض.

قام بإدارة عدة أقسام في وزارة التعليم، وعُين عضوًا في مجلس الشورى.

لديه مشاركات فعالة في المؤتمرات الدولية، كما ساهم في تطوير الخطط الإستراتيجية لوزارة التعليم، معززًا هذا العمل بالكفاءات السعودية المخلصة.

يؤمن الدكتور الخنيزي بأن المسار التعليمي في المملكة يسير بشكل صحيح، مستندًا إلى تجربته في التخطيط في وزارة التعليم، حيث أكد على أهمية إعداد الخطط بأساليب محلية وبدقة أكبر.