59% من شركات القطاع الخاص تُدرب موظفيها على مهارات الحاسب الآلي

لا تزال فجوة المهارات الرقمية قائمة في العديد من منشآت القطاع الخاص، حيث أظهرت بيانات رسمية أن 59% فقط من تلك المنشآت قامت بتدريب موظفيها على برامج الحاسوب وتطبيقاته. وفقًا لأحدث تقارير الهيئة العامة للإحصاء، فإن منشآت قطاع التعليم تتصدر قائمة التدريب بنسبة 78.1%، تليها منشآت أنشطة المال والتأمين بنسبة 69.3%، ثم قطاع الصحة والعمل الاجتماعي الذي سجل 66.5%. وعلى الجانب الآخر، سجلت القطاعات العقارية والزراعية أدنى مستويات تدريب، حيث بلغت نسب التدريب فيهما 48.1% و48.8% على التوالي.

تشير بيانات صندوق تنمية الموارد البشرية إلى أن المنشآت السعودية، بالاشتراك مع الجهات الداعمة، تستثمر سنويًا ما بين 6 إلى 8 مليارات ريال في برامج التدريب والتأهيل. تشمل هذه البرامج دورات تقنية ومهارية وإدارية، وقد استفاد منها أكثر من مليوني موظف وموظفة في السنوات الأخيرة. ويعتبر هذا الاستثمار ركيزة أساسية لتحقيق أهداف التوطين ومساعدة منشآت القطاع الخاص على التكيف مع التحول الرقمي.

ويرى المختصون في الموارد البشرية أن التدريب على برامج الحاسب لم يعد مجرد خيار وإنما أصبح ضرورة لتحسين الأداء التشغيلي، خاصة مع اعتماد معظم القطاعات على أنظمة إلكترونية لإدارة الموارد والمشتريات والتقارير والتواصل الداخلي. وكشفت دراسات حديثة أن الموظفين الذين يتلقون تدريبًا رقميًا منتظمًا يمكنهم زيادة إنتاجية المنشأة بنسبة تصل إلى 15% وتقليل وقت إنجاز المهام بنسبة 25%.

ومع ذلك، تواجه المنشآت السعودية، ولا سيما الصغيرة والمتوسطة، تحديات متزايدة في تطوير مهارات موظفيها في مجالات عدة، مثل استخدام برامج Excel أنظمة ERP، والأمن السيبراني، والتحليل الرقمي، وتقنيات الذكاء الاصطناعي والأتمتة. وهذا الوضع دفع العديد من مراكز التدريب والمعاهد للاستفادة من هذه الفجوة من خلال تقديم برامج تطوير ذاتي، تقوم على تكاليف قد تكون باهظة للأفراد، مما يجعل الحاجة ملحة لتبني نهج تعلّم مستمر مدعوم من الدولة والقطاع الخاص لتمكين الموظفين من اكتساب المهارات بشكل منظم وزيادة فعالية الميزانيات المخصصة للتدريب.

ورغم التقدم الذي تحقق في بعض القطاعات، فإن وجود 41% من المنشآت خارج دائرة التدريب يشكل تحديًا حقيقيًا أمام تحقيق أهداف التحول الوطني. يؤكد الخبراء أن تأخر تدريب الموظفين على أساسيات التقنية يضعف قدرة المنشآت على المنافسة ويقلل من فرص التوسع، كما يزيد من حجم الهدر الناتج عن ضعف الكفاءة التشغيلية. إذ لم يعد تدريب الموظف مجرد إنفاق، بل هو استثمار مباشر في استقرار وإنتاجية المؤسسة. ومع تزايد الاعتماد على الأنظمة الذكية والمنصات الرقمية، فإن الميزة التنافسية في السوق السعودي لم تعد مستندة إلى البنية التحتية فقط، بل تعتمد بشكل كبير على الكفاءات البشرية القادرة على تشغيل هذه الأنظمة وتحسين نتائجها، مما يجعل هذا المعيار أساسًا للتقييم الوظيفي والمهنية.

تدريب موظفي القطاع الخاص على الحاسب

لا يزال هناك تدني في نسب تدريب بعض القطاعات. من الجدير بالذكر أن قطاع الزراعة والحراجة وصيد الأسماك يسجل نسبة 48.8%، بينما قطاعات الصناعات التحويلية 49.0%، وتوصيل الكهرباء والغاز 53.6%، وإمدادات الماء والصرف الصحي 57.8%. بينما سجلت القطاعات الأخرى مثل التعليم 78.1% والصحة والعمل الاجتماعي 66.5% نسب تدريب أعلى بكثير.

استثمار المهارات الرقمية

هناك حاجة ماسة لتوفير مزيد من البرامج التدريبية لضمان تجهيز الموظفين بالمهارات الضرورية لمواجهة التحديات الحديثة، فهو استثمار في المستقبل يعزز من قدرة المؤسسات على الابتكار والاستجابة للمتطلبات المتغيرة للسوق. بفضل هذه الجهود، يمكن للمنشآت تحقيق الاستدامة والتوسع في ظل التحولات الراهنة.