أثر الإساءة اللفظية على الصحة النفسية للأطفال
أظهرت دراسة حديثة في مجلة “BMJ Open” أن الإساءة اللفظية التي يتعرض لها الأطفال من قبل الأهل، مثل الاستهزاء والتهديد، تؤدي إلى زيادة كبيرة في احتمالية مواجهتهم لمشاكل نفسية في مرحلة البلوغ، حيث بلغت هذه الاحتمالية 64% مقارنة بـ 52% للأطفال الذين تعرضوا للإساءة البدنية. كما أكدت الدراسة أن تأثير الإساءة اللفظية على الصحة النفسية يفوق تأثير الإساءة البدنية، إذ سجل انخفاض الصحة النفسية بنسبة 24% لدى من تعرضوا للإساءة اللفظية، في حين كانت النسبة للإساءة البدنية 22.5%.
الدراسة التي شملت تحليل بيانات أكثر من 20 ألف بالغ جمعوا بين عامي 2012 و2024، تكشف عن القلق المتزايد بشأن معدلات الإساءة اللفظية بين الأجيال. فقد شهدت الإساءة البدنية انخفاضًا من 20% لمواليد الفترة بين 1950 و1979 إلى 10% لمواليد ما بعد عام 2000، بينما ارتفعت الإساءة اللفظية من 12% إلى 20% في نفس الفترة.
البروفيسور مارك بيليس، المؤلف الرئيسي للدراسة من جامعة ليفربول جون موريس، أشار إلى أن الكلمات القاسية تترك آثارًا نفسية قد تكون أشد وطأة من الإساءة البدنية، وحث الآباء على تعزيز العلاقات الإيجابية مع أطفالهم لتقليل هذه الآثار. كما أفادت النتائج أن مواليد عام 2000 وما بعده يواجهون مخاطر أعلى لانخفاض الصحة النفسية، مع وجود اختلافات بين الجنسين؛ حيث يظهر الرجال أقل تفاؤلاً وقرباً من الآخرين، بينما تعاني النساء من قلة الشعور بالاسترخاء.
في ظل هذه النتائج، تبرز دعوة جيسيكا بوندي، مؤسسة مؤسسة “Words Matter”، لمواجهة ظاهرة الإساءة اللفظية حفاظًا على الصحة النفسية للأجيال القادمة، مشددة على أن الكلمات القاسية تسبب أضراراً نفسية عميقة.
التأثير النفسي للإساءة على الأجيال المقبلة
يبدو أن الاتجاه نحو الإساءة اللفظية يتصاعد، مما يحتم علينا أن نفكر بجدية في كيفية مواجهة هذه الظاهرة. العلاقات القوية والداعمة بين الآباء والأبناء تلعب دوراً مهماً في حماية الأجيال الشابة من الآثار السلبية لهذه الإساءة. من المهم أن نكون واعين لكيفية تواصلنا مع الأطفال ونحثهم على التعبير عن مشاعرهم بطريقة صحية. بالنظر إلى النتائج المقلقة، ينبغي على المجتمع ككل أن يعمل على نشر الوعي حول آثار الإساءة المختلفة على الصحة النفسية، والسعي لبناء بيئات آمنة وداعمة للأطفال في جميع أنحاء المجتمع. إن تناول هذه القضية يمكن أن يساعد في تغيير الاتجاهات الاجتماعية نحو تربية أكثر إيجابية وصحة نفسية أفضل للأجيال القادمة.
تعليقات