الجهاز الوطني لمكافحة المخدرات
في خطوة مبتكرة تعكس الرؤية الاستراتيجية لدولة الإمارات في الحفاظ على أمن مجتمعها، أصدر صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، مرسوماً بقانون اتحادي يهدف إلى إنشاء «الجهاز الوطني لمكافحة المخدرات». هذا الجهاز سيعمل على توحيد الجهود الوطنية لمواجهة آفة المخدرات، مما يعكس مقاربة شاملة تشمل الأبعاد القانونية والصحية والتوعوية والاجتماعية. إنها تحول جذري في استراتيجيات الدولة لمعالجة الإدمان، حيث تتجاوز الأساليب الأمنية التقليدية لتضع الإنسان في صميم العملية، مع التركيز على حماية الشباب وتعزيز الوعي المجتمعي، وتوفير بيئة صحية ملائمة للتعافي وإعادة الدمج. أثبتت التجارب العالمية أن الحلول الأمنية وحدها غير كافية، وأن الإدمان ظاهرة متعددة الأبعاد تحتاج إلى استجابات شاملة ترتكز على الوقاية والعلاج، بدلاً من التقيد بالعقوبات فحسب.
من الضروري وضع استراتيجية وطنية متكاملة تركز على برامج التوعية في المدارس والجامعات، وتقديم الدعم للأسر، وتطوير خطط علاجية وتأهيلية متخصصة، مع ضمان تنسيق الجهود بين الجهات الأمنية والقضائية والصحية. يعزز هذا التوجه الفلسفة التشاركية، ويؤكد أن مكافحة الإدمان ليست مسؤولية جهة واحدة، بل هي واجب مجتمعي يشترك فيه الجميع، من أسرة ومدرسة وإعلام ومؤسسات دينية وقطاع طبي، خاصة في ظل تزايد المخاطر الإلكترونية التي تسهل انتشار المخدرات عبر الإنترنت بطرق خفية، مما يستلزم وجود كيان متكامل وقادر على مواجهة هذه التحديات.
تُعتبر الجوانب الإنسانية للمدمنين، وحاجتهم إلى الدعم والمساعدة بدلاً من النبذ والعقوبات، من الأمور المهمة. إن منح الفرصة الثانية للمتعافين جزء لا يتجزأ من حماية المجتمع، في حين يحتاج تمكين الأسر إلى برامج تثقيفية تساعد في رصد العلامات المبكرة للإدمان وتزويدها بالأدوات اللازمة للتعامل مع هذه الحالات بوعي. ويتضح أن وجود قاعدة بيانات موحدة ومؤشرات أداء وطنية سيساهم بشكل كبير في تحسين فعالية البرامج وتقييم تأثير السياسات وتوجيه الموارد بشكل مدروس. وهذا الدعم الحكومي يعكس التزاماً قوياً بوضع صحة وكرامة الإنسان في مركز السياسات العامة.
إن تأسيس هذا الجهاز يمثل خطوة تتخطى مجرد قرار، بل هو رسالة قوية بأن الإمارات مصممة على خوض هذه المعركة بأدوات علمية وإنسانية كاملة، لحماية شبابها وتعزيز أمن المجتمع، مع تحقيق التوازن بين العقوبات والرعاية؛ إنها خطوة نحو مستقبل أكثر أماناً وتماسكاً، يحترم الإنسان ويؤمن بأن التعافي ممكن، وأن الوقاية مسؤولية مشتركة.
الهيئة الوطنية لمكافحة المخدرات
تمثل هذه الهيئة توجه استراتيجي لمكافحة الإدمان، يجمع بين جميع المكونات المجتمعية ذات العلاقة. من خلال برامج شاملة تهدف إلى تعزيز الوقاية والتوعية ورعاية المتعافين، يسعى الجهاز إلى مواجهة التحديات بكافة أبعادها ووضع آليات فعالة تهدف إلى تحقيق بيئة أفضل لجميع أفراد المجتمع، مستفيدة من جميع التجارب العالمية ومنظومات العمل المشترك. كما يعتبر الجهاز وسيلة لتحفيز النقاش العام حول الوقاية والتأهيل، وتطوير سياسات تدعم صحة المجتمع، مما يضمن اتخاذ خطوات فعالة نحو القضاء على هذه الآفة التي تهدد شباب الوطن.
تعليقات