الرحلات البحرية وتأثيرها على الاقتصاد
عند السير على ضفاف البحر، لا تقتصر حركة السفن عل الإبحار فقط، بل تتجاوز ذلك لتشمل تحريك اقتصادات كبيرة ومدن عائمة تستقبل آلاف السياح والفرص التجارية المتنوعة. لم تعد الرحلات البحرية مجرد تجربة ترفيهية، بل أصبحت قطاعًا تجاريًا ضخمًا يساهم بأكثر من 75 مليار دولار سنويًا ويوفر أكثر من 848 ألف وظيفة عالميًا وفقًا لجمعية الرحلات البحرية الدولية (CLIA).
مع تزايد المنافسة بين الدول لتطوير هذا المجال، تدخل السعودية هذا السباق بكل ثقة ضمن رؤية 2030، حيث تسعى لتعزيز قطاعاتها غير النفطية محليًا.
الرحلات البحرية كقطاع تجاري
تعمل السعودية على زيادة مساهمة قطاع الرحلات البحرية لتصبح جزءًا مهمًا من الناتج المحلي غير النفطي على الرغم من أن مساهمته الحالية لا تتجاوز 2% من موسم السياحة المحلي، كما أفاد بذلك رئيس جمعية الإعلام السياحي خالد آل دغيم، الذي أشار إلى أن المؤشرات المستقبلية في هذا المجال تبدو مشجعة.
وفقًا لجمعية الرحلات البحرية الدولية (CLIA)، بلغ الدخل المباشر العالمي لصناعة الرحلات البحرية حوالي 25.14 مليار دولار في 2023، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 53.49 مليار دولار بحلول عام 2029.
تعكس هذه الأرقام تعافي القطاع من تداعيات جائحة كورونا، والتي تسببت في انخفاض أعداد الركاب من 31.7 مليون في 2019 إلى 5.8 مليون في 2020، ثم إلى 4.8 مليون في 2021، ليعود بعد ذلك للتحسن ووصل إلى 20.4 مليون راكب في 2022.
عالميًا، توجد 323 سفينة سياحية تعمل على 51 خطًا بحريًا و27 خطًا نهريًا. بينما تُظهر سلوكيات المسافرين تفضيلًا متزايدًا لتكرار التجارب، حيث يسافر 12% منهم مرتين سنويًا، و10% من 3 إلى 5 مرات، في حين أن 71% يفكرون في تجربة الرحلات البحرية مرة أخرى.
أما في السعودية، فقد استقبلت أكثر من 170.5 ألف زائر من 120 جنسية في عام 2023 على متن 65 رحلة بحرية لـ 16 سفينة تمثل 11 شركة عالمية، بما في ذلك 13 زيارة أولى. تعد هذه الأرقام بمثابة إشارات إيجابية لصعود هذا النمط السياحي الذي يجمع بين الترفيه والسياحة.
مع استمرار التحفيز الحكومي وتكامل البنية التحتية البحرية والموانئ السياحية، من المتوقع أن تزداد مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي، ليصبح أحد دعائم الاقتصاد السياحي الجديد في السعودية، ويعزز من مكانتها كوجهة بحرية عالمية.
في يناير 2021، أطلق صندوق الاستثمارات العامة شركة “كروز السعودية” بهدف تأسيس قطاع الرحلات البحرية السياحية في البلاد، مما يساهم في جهودها لجعلها وجهة سياحية محورية على خريطة الرحلات البحرية الدولية ويتماشى مع رؤية 2030.
تعليقات