توريق القروض العقارية في السعودية: فرص تعزيز السيولة وسط مخاوف من خطر أزمة 2008

توريق القروض العقارية في السعودية كحل لتحفيز السيولة

تجاوزت القروض العقارية في السعودية 950 مليار ريال بحلول الربع الأول من 2025، مما دفع إلى دراسة فعالية فكرة تحويل هذه القروض إلى أوراق مالية قابلة للتداول، المعروفة بـ “التوريق العقاري”. وقد تناول رئيس مجلس هيئة السوق المالية، محمد القويز، هذه الفكرة في “منتدى مستقبل العقار” الذي عقد في يناير الماضي. يتطلع هذا الاقتراح إلى تجاوز المعوقات الموجودة في التمويل التقليدي من خلال تمكين المستثمرين من شراء القروض وتحويلها إلى أدوات استثمارية، مما يساعد البنوك على تقديم التمويل بسرعة أكبر ودون الحاجة إلى انتظار سنوات لاسترداد رأس المال.

تطوير أدوات التمويل العقاري

يعتبر “التوريق” عملية تحويل القروض العقارية إلى أوراق مالية قابلة للبيع من خلال وسطاء ماليين، مما يخلق فرصة للمستثمرين للحصول على دخل ثابت مع مخاطر منخفضة. وقد اتفق العديد من الخبراء الماليين والاقتصاديين على أن التوريق يمثل نقلة نوعية في تمويل القطاع العقاري، حيث أنه يوفر أداة تمويل جديدة تسهم في تحرير السيولة، مع ضرورة وجود إطار تنظيمي واضح وشفافية في هيكل الصكوك، وسوق ثانوية فعالة، ومؤسسات تصنيف ائتماني مستقلة لضمان جودة المنتج المالي.

يشير الحويماني، خبير الأسواق المالية، إلى أن التوريق يعزز السيولة الفورية للبنوك، مما يساعدها على تحسين كفاءة رأس المال وتوسيع قدرتها على تقديم المزيد من القروض. في حين يرى العمران، رئيس المركز الخليجي للاستشارات المالية، أن الفكرة يمكن أن تؤدي إلى زيادة كبيرة في حجم التمويل العقاري عن طريق تحويل الأصول إلى سيولة يستفيد منها المطورون في القطاع.

ومع ذلك، حذر الحويماني من المخاطر المرتبطة بالتوريق إذا لم تكن هناك رقابة مناسبة، خاصة في حال ارتفاع أحجام القروض بدون تقييم موثوق للضمانات. وقد شهد العالم في عام 2008 كيف أن توريق القروض واجه أزمات مالية بسبب المخاطر المخفية في النظام. لذلك، من الضروري أن تضع الجهات الرقابية قواعد تنظم هذه العمليات لحماية النظام المالي.

في الختام، يبرز توريق القروض العقارية كأداة قوية لزيادة السيولة في السوق العقاري السعودي، مع ضرورة اتخاذ الحيطة والحذر لضمان عدم تكرار تجارب الماضي التي أدت إلى أزمات اقتصادية. ويستدعي الأمر ضرورة تطوير بنية تحتية تنظيمية تدعم الشفافية وتضمن استدامة هذا النظام المالي الجديد.