“رحلتي عبر دروب الثقافة الصينية: استكشاف طرق الحرير مع معلمين سعوديين” بقلم: وانغ قوانغ يوان – شبكة فلسطين للأنباء

رحلة تعليم اللغة الصينية مع معلمين سعوديين

في سبتمبر عام 2024، وبينما كانت أشعة شمس الخريف تداعب أوراق الأشجار في جامعة بكين للغات والثقافة، وجدت على مكتبي قائمة تحمل أسماء مائة معلم ومعلمة من المملكة العربية السعودية. بفضل التعاون بين وزارة التعليم السعودية والمركز الصيني للتعاون اللغوي، انطلق هؤلاء المعلمون في رحلة تعليمية في الصين تمتد لثلاث سنوات، تبدأ بتعلم اللغة الصينية وتتبعها سنتان من الدراسة الأكاديمية.

عند النظر إلى تلك الأسماء، استرجعت ذكرياتي من خمسة عشر عامًا. ففي عام 2010، تم إرسالي من جامعتي للمشاركة في تأسيس أول برنامج لتعليم اللغة الصينية في السعودية. الطلاب كانوا متلهفين لتعلم لغتي وثقافتي، وكان شغفهم يمثل علامة فارقة لا تُنسى. اليوم، هؤلاء الطلاب، الذين كانوا في البداية فضوليين، أصبحوا الآن معلمين يساهمون في نشر ثقافة اللغة الصينية بين الأجيال الجديدة في بلدهم، ما يعكس أهمية التعليم الثقافي في تشكيل العلاقات بين الصين والسعودية.

تجربة تعليمية مميزة

عند بدء التدريس لهؤلاء المعلمين، شعرت بمزيج من الحماس والتحدي. كانت المادة التي أدرسها تتعلق “بالثقافة الصينية والتواصل الثقافي”، واعتبرتها فرصة لتقديم محتوى يجمع بين المعرفة الأكاديمية وتجارب الحياة. أعادت هيكلة المنهج بطريقة تجعل من التعلم تجربة تفاعلية، مع التركيز على الأفكار الثقافية الأساسية والأنشطة الحوارية لتعزيز الفهم.

في أول محاضرة، استقبلني الطلاب بحفاوة، مما خفف من توتري. تبادلنا التحيات وأعربت لهم عن إعجابي بشجاعتهم في السفر لمتابعة دراستهم. بعد ذلك، انطلقت مسيرتنا التعليمية معًا، حيث تعرفنا على جوانب متعددة من ثقافة الصين، بدءًا من الجغرافيا إلى الفلسفات المختلفة. كانت المناقشات حيوية، وأظهر الطلاب وعيًا وثقافة تتجاوز توقعاتي.

تضمن البرنامج مناقشات حول كيفية فهم الثقافات المختلفة، بما في ذلك مخاطر الفهم الخاطئ. وتمحورت النقاشات حول نصوص تاريخية تعكس التفاعل بين الحضارتين. هذه اللحظات كانت مليئة بالعمق الفكري، حيث نظرنا كيف ارتبطت الثقافتين عبر العصور.

في نهاية الدورة، عبّر أحد المعلمين عن فخره بعمق العلاقات بين الصين والعالم العربي. كان لهذا التبادل الثقافي أثر بالغ في نفوسنا، حيث لاحظت التزام المعلمين وحضورهم المنتظم رغم التحديات. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت تعليقاتهم وموضوعاتهم البحثية تقديرًا عميقًا وأخلاقيات تعليمية ملهمة.

بينما استمرت أوقات دراستنا في التجدد، كانت الألفة والصداقة تزداد بيننا. من تنظيم الفعاليات الثقافية إلى مشاركتنا اللحظات اليومية، أسهمت تجاربنا المشتركة في تعزيز الروابط الإنسانية، وجعلت من قصة تعلم اللغة والثقافة شيئًا يتجاوز مجرد تبادل المعرفة ليكون تجسيدًا للشراكة الثقافية بين الصين والسعودية.

في الختام، أتمنى أن يبقى المعلمون السعوديون سفراء للثقافة، وأن تستمر العلاقات الصينية-السعودية كمثال يُحتذى به في العالم العربي وعبر الثقافات المختلفة.