غزة تحقق النصر وإسرائيل تتكبد الخسائر!

انتفاضة غزة وأثرها على إسرائيل

في ظل الخطاب الإعلامي الإسرائيلي الذي يُبرر الحرب على غزة، يرى المحلل في صحيفة هآرتس تسفي برئيل أن القطاع المحاصر حقق “انتصارا وجوديا وأخلاقيا” على إسرائيل، حيث تجلت هذه الانتصارات ليس فقط عبر المقاومة العسكرية، بل أيضا من خلال إضعاف “البنية الجينية لدولة إسرائيل ومجتمعها”، مما يهدد بمخاطر على استقرارها الداخلي دون الحاجة لتغيير سياسي جذري.

إعادة تشكيل الهوية الإسرائيلية

علق برئيل، وهو محلل الشؤون العربية في الصحيفة، على تصريحات النائب العربي في الكنيست أيمن عودة الذي قال إن “غزة انتصرت، غزة ستنتصر”، مشيراً إلى أن هذه العبارة أصبحت واقعاً ملموساً، حيث يتجلى ذلك من خلال مشاهد الموت والدمار في القطاع، أو في تأثيرات الحرب التي تمزق المجتمع الإسرائيلي من الداخل.

ويوضح الكاتب الإسرائيلي أن ما يحدث في غزة يتجاوز كونه مجرد صراع عسكري، بل أصبح عاملاً أساسياً في إعادة تشكيل التركيبة الداخلية لإسرائيل نفسها. وبينما يركز الخطاب العام على مظاهر الانهيار الديمقراطي، يرى برئيل أن غزة بـضحاياها ومعاناتها تعيد تشكيل قواعد المجتمع والدولة الإسرائيلية، مما يلغي الحاجة لأي تغيير داخلي.

وفي محاولة لفهم حالة الذعر التي تسود المجتمع الإسرائيلي، يذكر برئيل أن القضايا الكبرى التي كانت تمثل مصدر قلق، مثل محاولة الانقلاب السابقة والاعتراضات على التعيينات الحساسة، أصبحت الآن قضايا ثانوية، في ظل الأوضاع المأساوية في غزة. ويشير إلى أن النضال الذي كان يُعتبر دفاعاً عن الديمقراطية بدأ يفقد معناه في خضم الأحداث الجارية.

ويظهر برئيل أن غزة، بدلاً من أن تكون مسرحاً لحرب استثنائية، أصبحت مصدراً لفقدان القيم الإنسانية حيث يُقتل الأطفال والنساء بسبب محاولاتهم البسيطة للحصول على الغذاء. ويعتبر أن الحرب جرى تسويقها كحاجة أمنية تُبرر التضحية بحياة المدنيين، مما حول النزاع إلى هدف مُستمر بحد ذاته.

وبينما يفكر الكاتب في ما يمكن أن يُعتبر “الانتصار الإسرائيلي الكامل” كما تصوره الحكومة الحالية، يتساءل “مع أي أمة سنحتفل بهذا النصر؟”. ويقول إن غزة غيرت إسرائيل إلى دولة يُسمح فيها بتجريد حقوق الإنسان، واعتقال الصحفيين، وطرد المعلمين، وضرب المحتجين، مما يعكس تحولاً عميقاً في الهوية الإسرائيلية.

ويختم برئيل بأن السيطرة على غزة أدت إلى تحويل إسرائيل إلى دولة مفككة وعدوانية، تفتقر للأخلاق والطموح، مبرزاً أن أي انتصار سيأتي بتكاليف باهظة لن يكون قادراً على شفاء الجروح العميقة التي نُقشت في تاريخ الدولة.