معهد الإخوان في فرنسا: هل تنجح الحكومة في إغلاقه؟
تسعى فرنسا بشكل رسمي إلى إغلاق أحد أوكار الإخوان المتطرفين على أراضيها، وهو ما يزيد من القلق حيال انتشار الفكر المتطرف الذي يهدد المجتمع. يشتد النقاش حول “المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية”، وهو من أبرز مراكز تكوين الأئمة والدعاة، والذي يواجه شبح الحل بسبب اتهامات خطيرة تتعلق بالترويج لأفكار تتعارض مع القيم الجمهورية.
مركز الأيديولوجيا المتطرفة
تتزايد حدة الجدل بعد أن أظهر تقرير استخباراتي حديث وأُبلغ وزارة الداخلية، والذي عُرض على مجلس الدفاع برئاسة الرئيس إيمانويل ماكرون، الدور المركزي للمعهد في تخويف المجتمع الفرنسي، حيث تم وصفه بأنه “ركيزة بارزة” لحركة الإخوان. وفقًا لوزارة الداخلية، يُحتمل أن يتحول المعهد إلى مصدر شرعي لتدريب أئمة يحملون أفكارًا ذات طابع سلفي محافظ، على الرغم من محاولاته المتكررة لنفي تلك التهم.
يأتي هذا في وقت يواجه فيه المجتمع الفرنسي ظاهرة “الاستقطاب الهادئ”، بينما تُظهر الأبحاث أن المعهد يقوم بإنتاج خطباء يتجنبون مناهضة الفكر الانعزالي، مما يؤدي إلى تكريس أيديولوجيا متشددة في المجتمع المسلم بفرنسا. وزير الداخلية، برونو ريتايو، قد أشار إلى أن مثل هذه المؤسسات لا مكان لها داخل فرنسا إذا كانت تسهم في تشكيل أئمة خارج الإطار المدني والعقلاني الذي تسعى الجمهورية لتحقيقه.
التناقضات في إدارة المعهد تثير المزيد من التساؤلات حول مدى التزامه بالشفافية، حيث لا تزال تدرس فقهًا مقارنًا بطريقة تقليدية، وتروج لمواضيع قانونية تخص الحقوق دون توضيح كيفية تقديمها أو المرجعيات الفكرية المعتمدة. هذا النهج يجعل الكثيرين يتساءلون عما إذا كان المعهد يمثل غطاءً لتوجهات أصولية أكثر خطورة مما يبدو.
تعتبر هذه الحرب ضد “الإسلام السياسي الناعم” أكثر تعقيدًا بسبب استخدام التعليم والمؤسسات التي تبدو معتدلة لنشر رؤية محافظة تتعارض مع مبدأ العلمنة والانفتاح. يرى بعض الخبراء أن المعهد يمثل نموذجًا بارزًا لهذا النوع من الإسلام السياسي المؤسسي الذي يدعي الالتزام بالقانون بينما يدعم ثقافة فكرية انفصالية تؤثر سلبًا على أسس العيش المشترك.
توجهات مثل هذه تحتاج إلى إعادة نظر شاملة في كيفية تكوين الأئمة في فرنسا، بما في ذلك دعم نموذج ديني مدني جمهوري يستطيع أن ينتج خطباء يمتلكون هوية متوازنة بعيدًا عن القيم المتشددة.
تعليقات