شرق ليبيا وتركيا: شراكة استراتيجية تعزز أواصر التعاون

شكراً لاهتمامكم بالعلاقات بين شرق ليبيا وتركيا. التقارب الاستراتيجي يعزز شراكات عديدة، والآن إليكم التفاصيل.

تقارب استراتيجي بين تركيا وشرق ليبيا

تشهد العلاقات بين تركيا وشرق ليبيا تحولًا ملحوظًا بعد فترة من القطيعة التي أعقبت حرب طرابلس عام 2019. تسعى أنقرة لتعزيز علاقاتها مع المنطقة الشرقية من خلال عدة مجالات، منها التعاون العسكري والاقتصادي والدبلوماسي.

تعاون عسكري ومبادرات اقتصادية

أعلنت وزارة الدفاع التركية عن زيارة ثلاث وفود عسكرية تقنية من شرق ليبيا إلى تركيا في الفترة من 15 إلى 28 يونيو الماضي، حيث شملت المقار العسكرية ومؤسسات التدريب. تأتي هذه الزيارات بعد زيارة رسمية قام بها الفريق صدام حفتر، قائد القوات البرية للقيادة العامة، إلى أنقرة في شهر أبريل، والتي شهدت توقيع تفاهمات أولية لتنظيم تدريبات ومناقشة شراء منظومات عسكرية تركية.

في سياق التعاون العسكري، شاركت قوات من الجيش الوطني الليبي في مناورات “عنقاء الأناضول 2025” التي أُقيمت في تركيا مايو الماضي بدعوة رسمية من القيادة العسكرية التركية. يعتبر المحلل السياسي مهند حافظ أوغلو أن خريطة التحالفات في شرق المتوسط تجري فيها تغييرات جذرية، حيث انتهت التحالفات التقليدية في الطاقة والسياسة.

بينما رأت أنقرة أهمية الحفاظ على دعم حكومة طرابلس، فإنها في المقابل فتحت قنوات تواصل مع الشرق الليبي، مانحة رسالة واضحة إلى بنغازي بأنها تسعى لتحقيق مصالح مشتركة بعيدًا عن الصراعات السياسية الحادة. كما تمكنت تركيا من إقناع الشرق الليبي بأهمية اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، مما يساهم في تعزيز تعاونهم في مجالات الطاقة والنفط والغاز.

على صعيد آخر، اعتبر المحلل علي الفارسي أن أنقرة اختارت التوقيت المناسب لتغيير نهجها في الملف الليبي، مركزة على تقليل دعمها للجماعات في الغرب والانفتاح على القيادة العامة في الشرق، التي حققت “استقرارًا أمنيًا” سيمكنها من الشروع في إعادة الإعمار وتطوير المؤسسات الاقتصادية.

يتضمن التقارب التركي مع الشرق إدراكًا متزايدًا بأهمية المنطقة التي تحتوي على حوالي 80% من الثروات النفطية والغازية في ليبيا، فضلًا عن كونها مركزًا لمشاريع بنية تحتية ضخمة ومبادرات استثمارية تقدر بمليارات الدولارات. تسعى تركيا لتفعيل عقودها القديمة مع النظام السابق بالإضافة إلى توقيع عقود جديدة في مجالات الإسكان والزراعة والري.

يتجاوز صندوق الإعمار والتنمية الليبي، الذي يمتلك علاقات مع تركيا، التقلبات السياسية، مما يعزز الثقة بين أنقرة والشرق الليبي. تدرك تركيا أهمية ترسيخ علاقاتها مع الشرق الليبي وحلفائها الإقليميين، بما في ذلك مصر، لضمان دور فعّال في تشكيل ترتيبات شرق المتوسط، خاصة فيما يخص قضايا الطاقة والنقل البحري. تخطط تركيا على المدى البعيد للحصول على موطئ قدم دائم في المنطقة، سعياً لإنشاء شراكات استراتيجية تعكس التوازنات الجديدة وتخفف من حدة الاستقطاب في السنوات الأخيرة.