التطورات السياسية المدهشة في الصراع الإسرائيلي الإيراني
ما شهدناه قبل البارحة هو أحد أغرب المواقف في التاريخ السياسي، حيث قام الرئيس الأمريكي بتهنئة العالم على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، في وقت لا تزال فيه الهجمات المتبادلة مستمرة، وتبقى شظايا الصواريخ الموجهة نحو القاعدة الأمريكية في قطر مشتعلة. وقد أكد الرئيس ترمب بشكل قاطع أن الحرب قد انتهت، دون أن يحدد أي شروط أو توقيع أي وثيقة، مما يثير تساؤلات حول مدى حقيقة هذه الأنباء وتناسبها مع فرحته الغامرة وخطابه بأن السلام سيخيم على الشرق الأوسط.
الوقف الموقت للصراع
إن هناك الكثير من التفاصيل التي قد تنطوي على تعقيدات كبيرة. فالإعلان السريع عن وقف الحرب قد يبدو مثيرًا، ولكنه يفتقر إلى الضمانات والشروط الملموسة التي تضمن استقرار هذا الوضع. عدم وجود شروط واضحة يعني أن حالة وقف إطلاق النار قد تكون هشة في غياب أي قواعد مكتوبة أو موثقة. مجرد وقف إطلاق النار لا يضمن السلام الدائم ما لم يتم الاتفاق على جميع تفاصيل الصراع المعقد، الذي لا يقتصر على النزاع بين إيران وإسرائيل فقط، بل يشمل أيضًا الولايات المتحدة ودول الغرب، بالإضافة إلى مزيد من الدول التي تخشى من البرنامج النووي الإيراني. وعندما يدعي الرئيس ترمب أن إيران لن تستعيد قدراتها النووية، فإن هذا يعتبر تأكيدًا غير دقيق في وقت تظل فيه المفاوضات المحتملة وطرق التفاوض غير واضحة.
استجاب الطرفان لوقف الحرب بسبب الأذى الذي ألحقته الصراعات بهما، رغم اختلاف حجم الخسائر بينهما. إلا أن مسألة تجنب الصراعات المستقبلية تظل قائمة، خاصة إذا تبين أن قدرات إيران النووية لم تُدمر بشكل نهائي. في الحروب، قد تختار الأطراف المف exhausted استئناف السلام كفرصة لالتقاط الأنفاس ولإعادة ترتيب أوضاعها، في ظل وجود مشروع إيران النووي الذي يعد جزءاً من استراتيجيتها السياسية، ما لم تتخذ خطوات جادة نحو تحويله إلى برنامج سلمي بحت. إذا لم يحدث ذلك، فإن المنطقة ستظل في حالة تأهب مستمر، معرضة لمفاجآت قد تكون أكثر سوءً مما شهدناه حتى الآن.
في السياق نفسه، يصعب على الرئيس ترمب الحديث عن مستقبل سلمي في الشرق الأوسط، ما لم يتم ضبط سلوك إسرائيل حيال سياسة العنف والعدوانية، وإلزامها بالانخراط الحقيقي لتحقيق السلام والاعتراف بحقوق الفلسطينيين وفق المبادرة العربية للسلام والمعايير الدولية. وقد تم تأجيل المؤتمر الذي كان يهدف لحل الدولتين من المقرر عقده هذا الشهر بسبب الأحداث الحالية، لكن الموقف الأمريكي من هذا المؤتمر في السابق كان يشير إلى نوايا لإفشاله، مما يتعارض مع ادعاءات ترمب بأنه يسعى لتحقيق السلام. إن الصراع القائم بين إسرائيل وإيران هو أحد أعراض مشكلة مزمنة تعاني منها المنطقة، والحل الجذري يتطلب معالجة الأسباب لا الأعراض.
أخبار ذات صلة
تعليقات