الأطماع الصهيونية في الأردن
تتزايد التصريحات من اليمين الصهيوني المتطرف في الكيان الصهيوني بشأن طموحاتهم العلنية تجاه الأردن، ولا تُعتبر هذه الظاهرة جديدة أو محصورة بحكومة اليمين الحالية، بل يعود تاريخها لأكثر من 126 عاماً، وتحديداً إلى عام 1899.
النوايا الصهيونية تجاه الوطن العربي
في كتابه الهام “الأردنيون والقضايا الوطنية والقومية – دراسة في الموقف الشعبي الأردني 1918 – 1939″، يبرز المؤرخ الأردني الدكتور محمد عبد القادر خريسات كيف أن أهالي شرقي الأردن في عشرينيات القرن الماضي كانوا واعين تماماً لنوايا الحركة الصهيونية ورغبتها المستمرة في التوسع إلى شرقي الأردن. هذا التوجه من قبل الصهيونية جعل الأردنيين يتابعون بقلق التصريحات والمحاولات التي ينشرها رجال الحركة الصهيونية.
لم تكن الأطماع الصهيونية في شرقي الأردن وليدة معاهدة سايكس-بيكو أو تصريح بلفور، بل سُجلت منذ وقتٍ مبكر. وقد ذكر الدكتور خريسات عدة شواهد تؤكد ذلك، منها مقال هنري لامنس الذي نُشر في مجلة الشرق عام 1899، والذي حذر من الأطماع الصهيونية في المنطقة، معتبراً أن اليهود ما زالوا يطمحون للتمدد عبر الأردن.
كما استنكر وايزمن، في كتابه “التجربة والخطأ”، قصر منطقة فلسطين على الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن، مشيراً إلى أنها كانت بمثابة اقتطاع للأراضي التي يخطط الصهاينة لاستيطانها. واعتبرت بعض المجلات، مثل “بالستين”، من أن شرقي الأردن قد يندرج في إطار الاستقلال عن فلسطين، في حال عدم تصدي العرب لذلك.
وعلى مر السنوات، واصل القادة الصهاينة التعبير عن رغبتهم في ضم شرقي الأردن، حيث جرت مؤتمرات وبيانات تطالب بتحقيق ذلك. ففي عام 1921، صرح وايزمن بأن الزيادة في الهجرة اليهودية إلى فلسطين تعتبر الوسيلة الوحيدة للتوسع إلى شرق الأردن. كما أظهر جابوتنسكي، في مقالاته، أن الأردنيين غير قادرين على تحسين هذا الجزء، ودعا الصهاينة لاستعماره.
استمرت هذه المطالبات حتى السنوات اللاحقة، حيث طالبت مقالات وصحف يهودية بضم شرق الأردن مرارًا إلى الوطن القومي. وفي عام 1936، صرح جابوتنسكي بأن شرق الأردن يُعتبر جزءاً من فلسطين، وأن اليهود يطالبون بها لتكوين مملكتهم. وواصل القادة الصهاينة التأكيد على أهمية الأردن في خططهم التوسعية، مُعتبرين أن المستقبل السياسي والاقتصادي لليهود لا يمكن تحقيقه إلا عبر التوسع الجغرافي في المنطقة.
على الأردنيين، بشتى توجهاتهم الفكرية والسياسية والاجتماعية، أن يدركوا جيدًا أن الأطماع الصهيونية ليست ناجمة فقط عن التيار اليميني المتطرف، بل هي جزء من الإستراتيجيات التوسعية لـ”إسرائيل الكبرى”. هذه العقيدة الصهيونية ينبغي أن تكون دافعًا لوحدة الأردنيين خلف قيادتهم وقواتهم المسلحة، متواجهين مع هذه المخططات الاستعمارية.
تعليقات