التحليل الاستراتيجي للضربات الإسرائيلية
مع الضربات الأولى التي وجهتها إسرائيل ضد القيادات الإيرانية وبعض المواقع الاستراتيجية المهمة، انفتحت ورشة من التحليلات التي تحاول استكشاف أبعاد تلك الخطوة وتبعاتها المحتملة. من الواضح أن هذه الخطوة اتخذها نتنياهو بهدف إبقاء الحرب مستمرة، وتوسيع رقعة العنف لمصلحته الشخصية، بعيدًا عن قبضة العدالة وسجنه المحتمل بتهمة الفساد. أيضًا يمكن اعتبار خطوة نتنياهو محاولة لتسويق صورة إسرائيل كدولة ضعيفة ومستهدفة، وذلك لاستغلال ذلك في أروقة صنّاع القرار في الغرب، وخاصة في الولايات المتحدة.
لم يمنع ذلك من إعادة طرح مشروع الشرق الأوسط الجديد، حيث يُعاد تقسيم المنطقة على أسس مذهبية ودينية وعرقية، مع اعتماد جميع الأطراف على فكرة السلام مع إسرائيل. ويواصل اللوبي الإسرائيلي ضغوطه على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتدخل لصالح إسرائيل. ومع ذلك، فإن هذا القرار أحدث انقسامًا داخل القاعدة الصلبة المؤيدة لترامب، المعروفة بتوجه “أميركا أولاً”، والتي تعارض الدخول في حروب خارجية.
ترمب قرر توجيه ضربة جراحية محورية، بأقل خسائر بشرية، تستهدف مواقع معينة، بحيث لا تُعتبر إعلان حرب على إيران، بل تأمل بأن تُعيد الكرة إليها لاتخاذ الخطوة التالية. لكن ترمب في حاجة ملحة لإنهاء هذه الحرب بسرعة، إذ أن طول أمدها سيرتبط بزيادة الاقتصادية ورفع التضخم، مما يجعل خفض الفائدة أمرًا صعبًا.
الاستراتيجيات الإقليمية الإسرائيلية
لم تعد تكلفة دعم إسرائيل السياسية كما كانت في السابق، فهناك معارضة متزايدة ضد سياساتها الإجرامية، وخصوصًا لدى الأجيال الشابة في الولايات المتحدة. تصريحات ترمب بعد الضربات العسكرية، التي أفادت بأن العملية كانت ناجحة وأسهمت في القضاء على البرنامج النووي الإيراني، تضع نتنياهو الآن في موقف يتطلب منه تفسير استمرار حربه على إيران بعد الاعتراف بأن الدعم الأكبر قد تحقق من قبل حليفه الأمريكي.
مشروع أوديد يونان الإسرائيلي الذي يحمل في طياته مخططًا لتفتيت العالم العربي لم يتوقف، فبعد إعلان نتنياهو دعمه لبعض الأقليات في سوريا، ظهرت داعش مجددًا لتنفيذ عمليات إرهابية، مؤكدة الارتباطات الإسرائيلية في الإقليم. وفي ضوء هذه التوترات، تبقى الأسئلة مفتوحة حول تأثير تغيير النظام في إيران على السلم الإقليمي، وما سيكون عليه حال العلاقات الإسرائيلية والعربية في المستقبل، وما هي التكلفة التي ستدفعها الولايات المتحدة لدعم إسرائيل في ظل تحديات اقتصادية داخلية.
الضربة العسكرية الإسرائيلية إلى إيران تمت لأغراض سياسية تتعلق بنتنياهو وزمرته، ومع مرور الوقت يتزايد الاهتمام بمراقبة إمكانية توسيع دائرة المواجهة وتكاليفها المحتملة على المستوى العالمي.
تعليقات