إيران ترد بـ”الأنجع” على العدوان الأميركي: قراءة عاجلة في الأحداث الراهنة

كتب: عريب الرنتاوي * تتعدد الخيارات المتاحة أمام إيران للرد على الهجوم الأميركي السافر الذي استهدف ثلاثة من منشآتها النووية، حيث لم يغفل الباحثون والمحللون عن استعراض كل هذه الخيارات. من بين هذه الخيارات: توجيه ضربات مباشرة للقوات الأميركية القريبة، أو ترك المهمة لحلفائها في الإقليم مع البقاء في موقع آمن بعيداً عن المواجهة المباشرة. كما يُمكن لإيران تفعيل ورقة مضيق هرمز، مع إمكانية إضافة ورقة مضيق باب المندب، بالإضافة إلى تنشيط دور قواتها البحرية. وهناك أيضاً الخيار بالانسحاب من اتفاقية منع الانتشار والوكالة الدولية للطاقة النووية، أو استيعاب الضربة مع كظم الغيظ حفاظاً على النظام. ويُعتبر التركيز على استهداف “إسرائيل” خياراً آخر، حيث توجد علاقة وثيقة بينهما وبين الولايات المتحدة، واعتبار من يضرب الأولى كأنه يضر الثانية.

في الواقع، لا يستطيع أي فاعل الالتزام بخيار واحد فقط. غالباً ما يتم التعامل مع “السيناريو البديل” عند تناول الخيارات المستقبلية، وهو في الأساس مزيج من عدة خيارات، وهذا ما نعتقد أن طهران ستتبعه. لكل خيار من الخيارات السابقة عواقبه، حيث قد يُعتبر بعضها “انتحارياً”، في حين أن البعض الآخر قد لا يؤدي إلى تغيير إيجابي في مسار الأحداث.

عندما تتخذ إيران قراراتها في ظل الظروف الإقليمية التي تشكلت بعد السابع من أكتوبر، فإنها لا تبحث عن “نصر مطلق”، بل تهدف إلى تعزيز صورة الصمود والثبات، مع تجنب الوقوع في فخ الاستسلام. السيناريو الخاص بالصدام المباشر مع الوجود الأميركي في المنطقة ينطوي على مجازفة ليست محسوبة، بل هو خيار “انتحاري” بصفة خاصة لأنه يمكن أن يؤدي إلى ردود فعل قوية من إدارة ترامب، التي تفضل تجنب الانزلاق في حروب طويلة الأمد.

قد يؤدي هذا الخيار إلى إلحاق ضرر كبير بإستراتيجية إيران التي كانت تهدف إلى “تطبيع” علاقاتها مع دول الجوار، خصوصاً العربية منها، حيث تتركز القوات الأميركية. أي استهداف لهذه القوات قد يؤجج مشاعر السخط لدى هذه الدول ويعيد العلاقات الإيرانية العربية إلى أزمنة النزاع والانقسام، وهو ما تسعى طهران لتجنبه.

لكن استبعاد هذا السيناريو المكلف لا يعني أن تقف طهران صامتة إزاء العدوان الأميركي، ويمكن البحث عن بدائل محسوبة مثلما فعلت بعد اغتيال قاسم سليماني عام 2020. وفي حال قررت إيران اتخاذ خطوة إغلاق مضيق هرمز، فإن لذلك تداعيات تتجاوز جيرانها، حيث ستؤثر أيضاً على أصدقائها مثل الصين، ومن ثم يجب التعامل مع هذه الخيارات بحذر.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون خيار الانسحاب من اتفاقية منع الانتشار جزءاً من “رزمة” أكبر تضم استراتيجية متنوعة. من وجهة نظري، أن استهداف “إسرائيل” بشكل قوي هو الخيار الأنسب للرد على العدوان الأميركي – الإسرائيلي، وقد تتجه إيران في هذا الاتجاه. في النهاية، يعد الاستمرار في تنفيذ ضربات محسوبة ضد “إسرائيل” هي الاستراتيجية الأكثر فعالية، حيث يجب أن تكون الخطوة الأخيرة في ردود الفعل الإيرانية بشكل مدروس، مع الاحتفاظ بخيارات دبلوماسية وحقوقية متاحة، مما يجعل الموقف الإيراني أكثر قوة.