جهود الشيخ المحفوظ بن بيّه في تعزيز ثقافة السلم
تعتبر مشاركة الشيخ المحفوظ بن بيّه في هذا المؤتمر جزءًا من سلسلة الجهود الدولية التي يقودها لتعزيز ثقافة السلم والتعايش الديني، في إطار دوره كأمين عام لمنتدى أبوظبي للسلم. وقد شارك في العديد من اللقاءات الدولية التي تجمع بين الفاعلين الدينيين وصنّاع القرار، بهدف مناقشة قضايا الحريات الدينية وتعزيز أسس المواطنة المتساوية، مستندًا إلى مقاربات تستلهم روحها من جوهر الأديان والاجتهاد المعاصر في التعامل مع التعددية الدينية.
مبادئ المواطنة والتعددية الدينية
في كلمته، استعرض الشيخ المحفوظ بن بيّه الأهمية التاريخية لإعلان مراكش حول حقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي، واصفًا إياه بوثيقة مفصلية في مسار ترسيخ مبادئ المواطنة الكاملة والتعددية الدينية ضمن الدولة الوطنية المعاصرة. وأشار إلى أن الإعلان الذي صدر سنة 2016 بجهود منتدى أبوظبي للسلم وبشراكة مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية، شكل لحظة فارقة في علاقة الدولة بالمكونات الدينية المختلفة، معتمدًا على نصوص واضحة من الشريعة الإسلامية وإرث العهد النبوي، داعيًا إلى إحياء مبدأ المواطنة العادلة التي تساوي بين جميع المواطنين دون تمييز ديني أو عرقي.
وأكد أن إعلان مراكش يُعد أول إحياء مؤسسي وتاريخي لوثيقة المدينة المنورة، التي قدمها النبي محمد ﷺ، حيث تمثل أول دستور مدني للدولة الإسلامية الناشئة، داعيًا إلى ضرورة استلهام هذا النموذج لتطوير إطار قانوني وأخلاقي لحماية الأقليات الدينية في المجتمعات الإسلامية.
وقد استذكر الشيخ المحفوظ الرسالة التي بعث بها الملك محمد السادس إلى المشاركين في المؤتمر، التي أكدت على عدم جواز استخدام الدين لتبرير أي انتهاك لحقوق الأقليات الدينية في الدول الإسلامية، معتبرًا إياها مرجعية أخلاقية وسياسية تحمي من الإقصاء والتمييز، وتشجع البناء المجتمعي القائم على الكرامة والاحترام المتبادل. كما استشهد بكلمة الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس منتدى أبوظبي للسلم، الذي أكد على أن ما يتم إنتاجه في المؤتمر هو رؤية حضارية مستلهمة من المقاصد العليا للإسلام.
وأوضح الشيخ المحفوظ أن ما يميز إعلان مراكش هو كونه ثمرة تعاون رفيع المستوى بين مرجعيات دينية وحكومات معتدلة، مما عزز مصداقيته واهتمام المنظمات الدولية به، وقد تم اعتماده كمرجع في العديد من المبادرات العالمية المتعلقة بحرية الدين. وأشار إلى أن الإعلان جاء في وقت كانت فيه صورة العالم الإسلامي تتعرض للتشويه، فكان بمثابة رد حضاري يعكس جوهر القيم الإسلامية في التسامح.
في ختام كلمته، أكد الشيخ المحفوظ بن بيّه على ضرورة الانتقال من مستوى الإعلان إلى التفعيل، داعيًا إلى تعزيز التعاون بين مختلف الأطراف الفاعلة لتحقيق هذه المبادئ، مؤكدًا على أهمية إقامة تحالف عالمي من أجل الحرية الدينية والعيش المشترك.
تعليقات