في زمانٍ كثرت فيه المطابع، ظل عثمان عبده حسين طه يكتب القرآن بيده، حرفًا حرفًا، بخطٍّ نقيّ رصين، ليكون شاهِدًا على الجمال المُهاب، وعلامة فارقة في ذاكرة المصاحف. وُلد في ريف حلب عام 1352هـ (1934م)، وتعلّم الخط العربي في سن مبكرة، حتى تتلمذ على كبار الخطاطين، ونال شهاداته العليا في الشريعة الإسلامية من دمشق. ثم تخصّص في فن الخط متفرغًا له بإتقانٍ نادر.
إبداع عثمان طه في كتابة القرآن
عام 1400هـ، كتب المصحف الشريف لأول مرة بخط يده الكريم، ومنذ ذلك الحين نُسخت عشرات الملايين من المصاحف بخطه، فدخل كل بيت مسلم، وكل مسجد، وكل محراب، وأصبح صوته الصامت الذي يرتّله الناس في مشارق الأرض ومغاربها.
خط عثمان طه كفن
أخبار ذات صلة ما يجهله الكثيرون، أن خطه الشريف لم يكن مجرد إبداع فني، بل سَفرٌ من الانضباط والدقة والتفرغ التام لخدمة كتاب الله. وبين كل نسخة كتبها، كانت مكة حاضرة، والمدينة شاهدة، والرحلة محفوفة بالإجلال. عثمان طه لم يعلُ منبرًا، لكنه خطّ المصاحف التي عُلّقت في صدور الأمة. لم يرفَع صوتًا، لكن قلمه نادى بالحرف إلى الله، فسمعه القاصي والداني.
استمر عثمان طه في عمله الدؤوب، حيث تعدّ خطه بمثابة هوية فريدة تجسد حُبّه العميق لكتاب الله. إن خطه تجاوز كونه أداة للتواصل، فهو رمز للأمانة والاخلاص. بل أصبح مصدر إلهام للعديد من الشبان الذين تطلعوا إلى تعلم فن الخط العربي. هذا الفن الذي يجمع بين الجمال والدقة، والذي يُعَد جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي الإسلامي.
إن إسهاماته جعلته شخصية بارزة في المجتمع العربي والإسلامي، وعمل على نشر رسالة الكتاب الكريم بطريقة مبتكرة ورائعة. لذا، فإن أعماله ستظل خالدة، تستمر في التأثير والإلهام للأجيال القادمة. إن عطاء عثمان طه في مجال الخط يعد نموذجًا يُحتذى به في الإخلاص والعمل الدؤوب، متحديًا الزمن وما يحويه من تحديات.
تعليقات