البرنامج النووي السلمي في الإمارات: نموذج عالمي للطاقة الموثوقة
تسعى دولة الإمارات بثبات إلى تعزيز مكانتها الدولية كقدوة متقدمة في تطوير برنامج نووي سلمي يراعي أعلى معايير الأمان والشفافية، ويعتمد على شراكات دولية فعالة، في ظل سعي العالم نحو مصادر طاقة موثوقة تسهم في تحقيق الحياد المناخي.
التعاون الدولي في مجال الطاقة النووية
منذ بداية البرنامج، اتبعت الإمارات نهج التعاون والانفتاح على الشركاء الدوليين، مما ساعد في بناء علاقات مع دول رائدة في قطاع الطاقة النووية، بدءاً من كوريا الجنوبية وصولاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تم توقيع عدة شراكات نوعية.
وأكد محمد الحمادي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة الإمارات للطاقة النووية، أن البرنامج النووي السلمي يتمتع بمكانة دولية مرموقة، وتمثل هذه المكانة نموذجاً عالمياً خلال سعيها لإدراج الطاقة النووية ضمن مجموعة متنوعة من مصادر الطاقة. وبيّن أن هذا الاتجاه يستند إلى رؤية القيادة ووجود خريطة طريق واضحة والالتزام بأعلى معايير السلامة والشفافية إلى جانب التعاون الدولي.
وأضاف في تصريح لوكالة أنباء الإمارات “وام”، أن الإمارات تعد رائدة في مجال التعاون الدولي، مشيراً إلى الجهود الكبيرة التي بذلتها في هذا الصدد، حيث أدى ذلك خلال مؤتمر “COP28” إلى التزام أكثر من 30 دولة بمضاعفة القدرة الإنتاجية للطاقة النووية ثلاث مرات بحلول عام 2050 لتحقيق الحياد المناخي، بالإضافة إلى تعهد حوالي 120 شركة وبنكاً عالمياً بالعمل نحو هذا الهدف.
وأبرز النموذج الجديد الذي تقدمه الإمارات والولايات المتحدة في مواكبة التكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، وتعزيز أمن الطاقة بواسطة مصادر موثوقة ونظيفة مثل الطاقة النووية، ما يدعم مشروع “ستارغيت الإمارات”، الذي يهدف إلى قيادة نهضة الذكاء الاصطناعي انطلاقاً من أبوظبي.
وتلعب الجهات الإماراتية المعنية، مثل شركة الإمارات للطاقة النووية والهيئة الاتحادية للرقابة النووية، دوراً محورياً في تعزيز مكانة البرنامج النووي الإماراتي، من خلال شبكة من الشراكات الاستراتيجية والتقنية العالمية التي أسهمت في نقل المعرفة وتبادل الخبرات.
كما أصبح التعاون مع كوريا الجنوبية أساسياً في تنفيذ مشروع محطات براكة للطاقة النووية، حيث تطورت تلك الشراكة لتشمل فرص استثمارية جديدة في مشاريع دولية مثل المفاعلات المعيارية الصغيرة “SMRs“. فيما ترتبط “الرقابة النووية” بكوريا عبر اتفاقيات تشمل التفتيش وتطوير القدرات، إضافة إلى الاجتماعات الدورية لمتابعة المستجدات والتطورات.
مع الولايات المتحدة، وقعت الإمارات مجموعة من الاتفاقيات البارزة، منها مذكرة تفاهم مع مختبر إيداهو الوطني لتطوير حلول إنتاج الهيدروجين والماء والبخار في محطات براكة، بالإضافة إلى اتفاقية مع شركة “تيراباور” لتطوير مفاعلات متقدمة، ومذكرة مع “جنرال أتوميكس” لاستكشاف استخدام المواد المتقدمة. كما تم إعلان شراكة جديدة مع “جنرال إلكتريك فيرنوفا” لاستكشاف فرص نشر تقنيات المفاعلات المصغرة “BWRX-300” على مستوى عالمي.
وفي إطار توسيع شبكة الشراكات الاستراتيجية، تواصل الإمارات والصين استكشاف فرص التعاون في تطوير وتشغيل مشاريع الطاقة النووية في مناطق أخرى، مع التركيز على التشغيل والصيانة وتطوير المفاعلات عالية الحرارة والوقود النووي. وقد عززت “الرقابة النووية” شراكتها مع نظرائها الدوليين بموجب اتفاقيات تهدف إلى التعاون في مجال السلامة النووية والأمن ومنع الانتشار.
في خطوة تعكس التوسع الدولي للبرنامج الإماراتي، وقعت شركة الإمارات للطاقة النووية اتفاقية تعاون مع الشركة الوطنية للطاقة النووية في رومانيا، كجزء من مبادرة “الاستثمار في مستقبل الطاقة النظيفة”، التي أطلقتها الإمارات والولايات المتحدة خلال مؤتمر “COP28“، لدعم إنشاء مفاعل نووي معياري مصغر “SMR” في رومانيا باستثمار يصل إلى 275 مليون دولار.
تواصل الإمارات تأكيد ريادتها كنموذج يحتذى به للدول في المنطقة الراغبة في تبني الطاقة النووية كخيار استراتيجي، حيث وقعت الإمارات والسعودية في عام 2019 اتفاقية للتعاون في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، تلتها شراكات بين الجهات الرقابية تضمنت تبادل الخبرات وتطوير قنوات التعاون في التشريعات والاستجابة للطوارئ، كما تم توقيع اتفاقية مع هيئة الطاقة النووية المصرية خلال مؤتمر “COP28” لتدعيم التعاون في تطوير المحطات وتبادل المعرفة.
تعليقات