الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا
تتوالى الأحداث في الساحة الليبية، حيث أثار توقيت الإعلان عن خطة إخلاء العاصمة من المظاهر المسلحة الكثير من التساؤلات. ظهرت التساؤلات بشأن الأسلوب الذي سيعتمد، سواء كان عسكرياً أو من خلال الحوار مع المجموعات المسلحة، إلى جانب المعايير المتبعة لتحييد هذه التشكيلات. الاتفاق بين رئيس المجلس الرئاسي ورئيس الحكومة المؤقتة أثار حالة من الانقسام داخل المجلس، لا سيما مع إعلان عضو المجلس، عبدالله اللافي، أنه غير مرتبط بهذا الاتفاق، معبراً عن اعتراضه في بيان له على ما اعتبره “قرارات أحادية” اتخذها المنفي. وفي ظل هذه الأجواء، تواصلت المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، جولات في مختلف المدن الليبية بهدف استطلاع آراء المواطنين، الذين فقدوا ثقتهم في السياسيين الحاليين.
التحركات السياسية في العاصمة
مع زيادة الانتقادات عقب التوترات الأمنية التي شهدتها طرابلس، اتحد رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، في إطار تشكيل لجنة أمنية وعسكرية هدفها إنهاء أي وجود مسلح خارج إطار مؤسسات الدولة. ولا يمكن فهم تحرك الدبيبة بمعزل عن محاولاته استباق انهيار تحالفاته مع بعض الجماعات المسلحة، خاصة بعد عمليات الاغتيال التي طالت عددًا من المسؤولين المعنيين بالأمن. وكانت هناك تغييرات في المناصب القيادية بوزارة الدفاع، ما فاقم من التوترات الحالية.
وفي ظل الأوضاع المتوترة، رحبت إدارة الإعلام بجهاز الردع لمكافحة الإرهاب بقرار المجلس الرئاسي بشأن تشكيل اللجنة الأمنية، مُعبرة عن استعدادها لأداء المهام الموكلة إليها بما يتماشى مع خطة الترتيبات الأمنية. من جهة أخرى، انخرطت أنقرة في جهود التهدئة، من خلال تواصلها مع القيادات العسكرية، خشية حدوث فراغ سياسي في حال انهيار الحكومة الحالية.
في محاولة لتعزيز شرعية سلطته، أعلن الدبيبة خلال اجتماع مجلس الوزراء عن مبادرة سياسية تتعلق بإعادة هيكلة الحكومة وإعداد مشروع للاستعلام الوطني. هذه المبادرة قوبلت بالانتقاد من قبل أعضاء آخرين في المجلس الرئاسي، الذين اعتبروا أنها تتجاوز الآليات التوافقية. كما أبدت المفوضية السامية لحقوق الإنسان مخاوفها من استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، مشيرة إلى الحاجة الملحة لحماية الحقوق الأساسية.
من ناحية أخرى، برزت مطالبات بتشكيل حكومة جديدة برئاسة رئيس المحكمة العليا لتكون مدة الحكم 120 يومًا، كوسيلة لتوحيد الشرق والغرب. في حين تناول الخيار الرابع من المبادرة الاستشارية ضرورة إنشاء لجنة حوار سياسي تحل محل المؤسسات الحالية بشكل مؤقت، مع استكمال القوانين المتعلقة بالانتخابات. هدف هذه الجهود هو تأمين الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات وتحقيق تطلعات الشعب الليبي نحو الاستقرار. وفي إطار دعم العملية السياسية، أعرب قائد “القيادة العامة”، المشير خليفة حفتر، عن تأييده لجهود البعثة الأممية وكافة المبادرات التي تسهم في تحقيق الاستقرار.
في نهاية المطاف، توضح مجريات الأحداث عدم الاستقرار المستمر، مما يؤكد الحاجة إلى حوار فعال وبناء لتجاوز الأزمة الراهنة وتهيئة البيئة السياسية اللازمة لتحقيق الأهداف المنشودة في ليبيا.
تعليقات